Home أخبار طلال أبو غزالة العالمية إلّا القضيّة.. وغزّة نبضها

إلّا القضيّة.. وغزّة نبضها

by رئيس التحرير
د. طلال أبوغزاله/ مفكّر عربي و مؤسس مجموعة أبوغزاله العالمية – عمّان

هُدْنَةُ غزّة لا تعني هدنة الوجع الذي يحزّ في أعماقي، على شهداء غزّة، ودمار غزّة، وجرحى غزّة،
ومفقودي غزّة، ولا تعني هدنةً للقلق المتواصل والمرتبط بتصريحات عدوّ أرعن يهدّد باستئناف الحرب
مراراً وتكراراً، دون خجل، أو وجل، أو رادعٍ من “ضمير ” ليس لديه أصلاً..
حرب غزّة غير المسبوقة والتي تندرج تحت مفاهيم “الإجرام ” لا غير، وقد قفزت عن كامل الأعراف،
والمواثيق الدوليّة، وتجاهلت أسس وقواعد الحرب، وأصولها العسكريّة، وأفقها الإستراتيجيّة المنطقيّة
السائدة، عبر منظومات الدفاع أو حتى الهجوم، وفق الخطط والدراسات المتعارف عليها، والتي تجاوز
فيها الكيان الغاصب كل المعايير، والمحاذير، والموجبات، والمبررات، عندما لم يقِمْ أيّ اعتبار لطفولة أو
لأمومة أو لإنسانيّة، فلم تسلم المشافي، ولم تسلم المدارس، ولا حتى مباني المؤسسات الدولية وفي
مقدمها “الأونُروا “، ولا طواقم الإسعاف التي تنقل المرضى والجرحى على حدّ سواء، ولا الطواقم الطبيّة
التي تسعف المصابين.
حتى الأسرى “اليهود ” التي حذّرت المقاومة الفلسطينيّة من قصف المباني حرصاً عليهم كونهم كانوا في
“ضيافة” البيوت الفلسطينيّة وأقول ضيافة مع تحديد هذه المفردة بمزدوجين، لأنني أعني ما أقول،
وشهادة الأسرى “المحرّرين ” مؤخّراً والذين لا يزالون يتدفّقون تِباعاً بموجب الإتفاقيّة بين الأطراف
المعنيّة، حتى تاريخ تدوين هذه السطور، للعودة إلى بيوتهم وأهاليهم، هو خير دليل على صدق ما قاله
جميع المسؤولين عن عميلة إحتجاز الإسرائيليين لدى المقاومة، في السابع من تشرين الأول.
ولا أودّ أن أكرر ما قلته في عشرات اللقاءات والمقابلات الإعلاميّة والتي لم تتوقّف طوال فترة الحرب،
والتي أرتبط بكثير من المواعيد اللاحقة، التي أحرص ما بوسعي على تلبيتها قدر الإمكان، إكراماً
لفلسطين القضيّة الكبرى، ونبض فلسطين “غزّة ” الصُغرى بجغرافيتها والكبيرة بحضورها والتي أعطت
الكثير من روحها لفلسطين، والكثير من دمها، ودموعها، وثباتها، وإيمانها، وعزمها، وعزيمتها،
ويقينها، ولم تبخل في عطاءاتها ولم تضنّ، حتى أيقظت العالم أجمع.
إنّها يقظة غير مسبوقة، يقظة الضمير الذي كان في غيبوبة مزمنة، يقظة الإحساس الذي لم يكن قبلاً
يعرف معنى الإكتراث لما يدور في فلسطين من تجاوزات في حرم مُصلّى الأقصى الشريف، لا في يوم
الجمعة ولا في شهر التقوى رمضان ولم تراعِ عيداً أو مناسبة عزيزة على قلب المقدسيين، حتى في
الكنائس.

لقد تمادى الكيان الغاصب كلّ التمادي، ولم يردع هذا الكيان المُتَمادي لا استياء عربيّ، ولا شجبٌ دولي،
ولا سخط فلسطيني.. فكان لا بدّ من وضع النقاط على السطور الممتدّة منذ خمسة وسبعين عاماً لم يذقْ
فيها الفلسطيني طعم العدالة على امتداد خطوط الشتات بطولها وعرضها، وأهمها عدالة “حقّ العودة “
الذي ووفق القانون الغاصب يحرّم عليه دخول بلده ولو من باب “الزيارة “، أي ظلم وأيّ حسرة هذه التي
ترافق كل فلسطيني خرج من فلسطين وحرّم عليه طريق العودة..
لا أريد أن أستبق المراحل فقط يكفيني أن هدف المقاومة تحقيق “العدالة” بكامل معارجها.

نعم هذه المقاومة التي أخرجت القضيّة المنسيّة من السراديب إلى العالم أجمع، العالم الذي يجهل الكثير
من الحقائق، العالم الذي لم يكن يملك غير التعاطف من المجتمع الغاصب ويغضّ الطرف عن أصحاب
الأرض وأبنائها، لكنّ المقاومة جعلت العالم يملك حقّ “الدفاع ” عن فلسطين، وأهل فلسطين، وغزّة جزء
مقاوم، من الكلّ “المناضل ” منذ أجيالٍ وأجيال، وفلسطين عندي كلّ متّحد لا أراه إلا جمعاً موحّداً، مهما
تعدّد وتغلّغل في أرجائِه “الخَوَنَة “.
الحرب التي أرادت تدمير “غزة ” وطمس معالم القضيّة الفلسطينيّة، لم تدرك حساباتها الفاشلة ما ترتّب
عليها من أثمان.. لقد أعطت غزّة “البطولة ” المطلقة، على شاشات الإعلام، ومنصّات التواصل والتداول
والتدوين..
لقد انقلب السحر على الساحر، بات الغاصبُ مُرتَبِكاً بما اقترفتْه يداه، ومضطّرباً كيف يستعيد هيبته التي
عمل على اكتسابها لأكثر من خمسين عام ويزيد.. لقد دمّر صورته بدل أن يدمّر غزّة التي ستستعيد عمرانها بيقين
مقاوميها وأبنائها، وتستعيد شهدائها، بمواليد جديدة لا تحصى، ففلسطين ولّادة، والحقّ خصب، ولن
يضيع نسل الرجال الذين عاهدوا الله، وعاهدوا الوطن، وعاهدوا الإنسان..
الحديث عن غزة يطول، وحتماً لي مع غزّة مفاتحاتٍ ومفاتحات قادمة بإذن الله.. وكل نصر وفلسطين مع
نبضها “الغزاوي ” بكل خير.

خاصّ – إلّا –

You may also like