Home أخبار طلال أبو غزالة العالمية إلّا وطني – وإلّا قلب العروبة الذي لا یزال ینبض.. رغم كل الجراح

إلّا وطني – وإلّا قلب العروبة الذي لا یزال ینبض.. رغم كل الجراح

by رئيس التحرير
د. طلال أبوغزاله/مفكر عربي و مؤسس مجموعة أبوغزاله العالميّة-عمّان

من الواضح أنّ سوریّة لم تسلم بعد من الاستھدافات التي بدأت قبل عقد ونیّف من الزمن باسم “الربیع
العربي” كشعار معلن، لمعنىً آخرَ مبطّنٍ لمفھوم “الخراب “، الذي طال معظم أرجاء الوطن العربي
الكبیر، ولم ینتھِ تأثیره السلبي حتى یومنا ھذا، ولأنّ الدور السوري یختلف قومیّاً عمّا عداه، وذلك لموقع
سوریّة الاستراتیجي كونھا الأقرب جغرافیّاً إلى “فلسطین “، الأمر الذي جعل منھا الداعم الأساس
للمقاومتین اللبنانیة والفلسطینیّة، وھذا ما ترفضھ “إسرائیل ” رفضاً قاطعاً وباتاً، وھو الأمر الذي یزید
من عداوتھا وغطرستھا تجاه سوریّة التي أبتْ توقیع اتفاقیّات السلام، وعارضت التطبیع بجمیع أشكالھ ما
لم تنلْ فلسطین كامل حقوقھا.
ھذا الموقف المشرّف جعل سوریّة تتكبّد الضربة تلو الأخرى من قِبَل الكیان الصھیوني الغاصب المعتدي
المحتلّ، وذلك لليّ ذراعھا وكسر إرادتھا، وضعضعة مواقفھا، وشقّ صفوفھا، وتمزیق اللُحمَةِ الوطنیّة ،
وكل ذلك ھو نتیجة حتمیّة لدورھا المشرّف الصَلْب في تبنّي القضیّة التي تخلّى عنھا الجمیع، بمن فیھم
قسط غیر قلیل من أبناء الشعب الفلسطیني للأسف!
لھذا عانتْ سوریّة وستعاني المزید والمزید من الغدر، والخیانة، والاستھداف والتربّص، بأمنھا وأمانھا
وھدوئھا واستقرارھا واقتصادھا وفي، الاقتصاد تكمن “الطامّة ” الكبرى، لكنّھا لطالما عرفت كیف تجد
حلاً لمعادلة الاكتفاء الذاتي بمھارة وثقةٍ واقتدار؛ لأن سوریّة تُدرك جیّداً، وتعلم عِلْمَ الیقین ما یترتّب
علیھا من أثمانٍ باھظة لمواقفھا المشرّفة، لكنّ لسان حالھا یقول: كل صعب یھون لأجلكِ فلسطین.
لا شكّ أنّ درب الآلام طویلٌ وشاقٌّ ومضنٍ على حاملِ الصلیب، ھكذا حال سوریّة التي حملت القضیّة
الفلسطینیّة كصلیبٍ عسیر، والمجرم لا یملّ المحاولة لتركیع سوریّة، وتأنیبھا المتواصل لیُثْنِیھا عن
مواقفھا، ولكن ھیھات على الأُباة الذِلّة! بل كل ضربة موجعة تمھّد السبیل أمام سوریّة لإرادةٍ أكثر صلابة.
قطعاً ما حصل في الكلیّة الحربیة اعتداء یندى لھ الجبین، وأجزم بأنھ فعل جبان غادر غاشم، وعلینا أن
نسأل ألف سؤال وسؤال عمّن وراء ھذا الاعتداء السافر الدنيء..؟! من المستفید..؟! غیر الصھیونیة
وأعوانھا، ومن لفّ لفھم.
لا شكّ أنّ السھم الغادر المسموم بالسیاسات المُضلِّلَة، الذي توجّھ بالأمس القریب إلى خاصرة سوریّة
الحبیبة، ونحر شبابھا الخرّیجین الجُدد، والبعض من أھالیھم الذین حضروا لمشاركتھم الاحتفال والبھجة،
في الكلیّة الحربیّة في مدینة حمص.. أدمانا وأدمعنا وآلمنا وأوجعنا، ووضعنا على منصّة الأسئلة التي لا
تنتھي.. بین: لماذا وكیف ولِمَ ؟!
لقد دفعت سوریّة وما تزال الأثمان الباھظة حین تمسّكتَ بجمر الیقین الذي یقضي بتحریر فلسطین وإنْ
بعد حین، وھذا حلم كل مواطن عربي أصیل، وحلم سوریّة الدائم الطویل لھذا لم تساوم، ولم تتنازل، رغم
كل الإغراءات المتوفّرة، أعلم أنّ الكلام إن قلّ ھنا أو كَثُر لن یخفف من ھول الفاجعة التي نزلت في
الصمیم السوري عبر مدینة حمص،..لكنني أعلم أكثر.. أنّ سوریّة في مواجھة الامتحان الصعب، الذي
طال أمده منذ عقد ونیّف، تحتاج أن تجدَ الحلیف النظیف، والصدیق الصدوق، والرفیق الحقّ، وأن تسمع
الكلمة الطیّبة الصادقة، وكلمتي البسیطة ھذه، لن تمسح حزناً ربّما عن قلب أمّ مفجوعة، ولن تشفي
جراحاً عمیقة بالتأكید.
لھذا لا یسعني القول سوى: رحم الله شھداء سوریّة، “شھداء ” الوطن العربي الكبیر الذي أرجوه دائماً
وأبداً أن یصبح وطناً واحداً لا تعزلھ الحدود الشائكة، ولا السیاسات المتناقضة، ولا العلاقات الدولیة
المغرضة وليس هذا على ربّنا بعزيز.

وأخيراً وليس بآخر أرجو الله العليّ القدير أن يجعل هذه الكارثة المريعة التي هزّت كياني العربي، وأربكت
إنساني الهَرِم حدّ الوجع وحدّ الذهول…لكارثة المدبّرة بآيادٍ آثمة، التي حلّت بسوريّة الحبيبة.. أن يجعلها
خاتمة لأحزانها، وأحزان شعبها الطيب النبيل، وفاتحةً لاستقرارها القريب، اللهمّ آمين.

خاصّ – إلّا –

You may also like