مخاوف هدم الجدار العازل بين الواقع والمتخيّل.
يبدو يا صديقي أننا دخلنا بالفعل عصر ال singularity، أي الزمن الذي يبلغ فيه الانسان تقدما” تكنولوجيا يفلت من سيطرته ولا نعلم ما ستكون نتائج ذلك الانفلات. ومع دخولنا هذا العصر سنواجه واحدة من المشاكل المركزية وهي انعدام القدرة على الفصل بين الخيال والواقع.
يذكرني ذلك بفيلم إنديانا جونز The Dial الذي تدور أحداثه سنة ١٩٦٩. كان جونز في الفيلم مصابا” باكتئاب حاد على أثر وفاة ابنه ما جعله يبتعد عن زوجته. وتدور أحداث القصة حول بحث جونز عن جهاز قديم يتيح السفر عبر الزمن وتساعده في ذلك ابنته الروحية هيلينا، بينما يلاحقهما جيل جديد من النازيين الذين يسعون أيضًا للعثور على الجهاز. يجد جونز الجهاز وينتقل بواسطته مع هيلينا إلى زمن حصار سيراكيوز في العام 212 قبل الميلاد، حيث التقيا بالفلكي أرخميدس مخترع آلة السفر عبر الزمن. معتقدًا أنه ليس لديه حياة ليعود إليها في أميركا، أراد جونز البقاء في سيراكوز ليعيش في حقبة تاريخية عظيمة. فما كان من هيلينا إلا أن ضربته على رأسه بقوة فأفقدته الوعي وعادت به إلى العالم الحديث، عالم الواقع. في المشهد الأخير يستيقظ جونز في شقته، ويجتمع شمله بزوجته ماريون ويتعانقان بينما تبتعد هيلينا مبتسمة. ومع ذلك، فإن تلك النهاية السعيدة لا تخفي استنتاج الفيلم: فبعد إجباره على الخروج من بلاد الإغريق المليئة بالإثارة يواجه العالم البطل الآن حياة منزلية قاحلة مملة.
ذلك هو واقع الحال. العالم الافتراضي أجمل من الواقع. والأدهى من ذلك أنك تستطيع التحكم بوجودك فيه فتدخله وتخرج منه حين تريد. لذلك نشهد نزوحا” بشريا” كثيفا” نحو عالم افتراضي نشعر فيه أننا أقوى وأجمل وأذكى. لكن في النهاية ستأتي هيلينا بمطرقتها لنستيقظ ونعود إلى الزمن البطيء الممل حيث نحن أيضا” عاديون مملون.
خاص – الا
Share this content: