إلا وطني – السياحة العربيّة – في المحيط العربي أهم تبادل اقتصادي
لا يخفى على أحد الضائقة الاقتصادية التي تمرّ بها بعض الدول العربيّة، وهذه
الأزمة ليست حكراً على المنطقة العربيّة، بل هي أزمة عالميّة، بحكم السياسات
الملتوية الغامضة التي تقوم عليها قائمة المعسكرات الرئيسيّة الأميركية والروسيّة
والاتحاد الأوربي ودخول اللاعب “الصيني ” الجديد، والذي يُحسب له ألف حساب
وحساب، لما له من استطاعه إنتاجيّة أغرقت الأسواق العالمية بكل البقاع، وجعلت
من إنتاجاتها قوّة اقتصاديّة ضاغطة بلا منازع، لتنوّع الإنتاج وغزارته وسرعة
تصريفه، وبساطة الأسعار نظير النوعيّة الشعبيّة التي تمكّنت من قهر السلع
النخبويّة بامتياز..
صحيح أنّ الدول العربيّة لا تخلو من توفّر الطاقات الإنتاجيّة المتمّزة، كما في مصر
وسوريا والسعودية والأردن مؤخّراً الذي أفخر أنّي عرّاب الصناعة “التكنولوجية “
الأولى من نوعها عربيّاً وليس على مستوى دولة فحسب بل على امتداد الشرق
الأوسط، وهذا ليس بشهادتي الشخصيّة وإنما بشهادة الجهات العالميّة الأكثر
حضوراً وموثوقيّة شهرة.. وأتساءل من منّا يعلم عن دول الجوار أكثر من الحدود
الجغرافيّة التي تعلّمها على مقاعد الدراسة، وبالكاد لدينا مواقع عامّة لمدن ساحليّة أو
جبليّة مميّزة كنّا قد قصدناها بشكل عابر مع الأهل أو العائلة أو الأصدقاء، نظير
الكثير الكثير من المناطق القرويّة الساحرة والمدن الصغيرة الخلابة والأسواق
التجاريّة التراثيّة الآسرة..
وللأسف ما إن يحلّ فصل السياحة وترتفع درجات حرارة الطقس في موسم الصيف
الحار نسبيّاً في دولنا العربيّة، حتى أسمع هذا الصديق وذاك القريب أنّه يتأهّب
للسفر وعندما أسأله عن وِجْهَتِه يكون الجواب الحاسم أقصد دولة أوربيّة بعينها،
وهكذا يتدفّق ملايين السواح العربي من بلادنا الجميلة، إلى بلاد يظنون أ،ها الأجمل
من بلادنا بشكل أو بآخر، وجمال تلك البلاد ليس بسحر الطقس فعلاً، ولا بأهمّية
المناخ بشيء.. ولكن وللأمانة الذاتيّة هو تأهيل المرافق العامّة، التي تهمّ الزائر،
وتمكين البنية التحتيّة من توفير الراحة النفسية للمقيم وإن على سبيل الإقامة المؤقّته،
ناهيك عن الخدمات العامّة المتوفّرة في جميع مفاصل هذه الدولة الأوربيّة أو تلك..
وهنا تكبر الغصّة، فبلادنا الجميلة تنعم بكل ما تتمناه العين أن ترصده من جمال،
وطبيعتها الخلابة وطقسها الجميل في المرتفعات وأوكسجينها النقي في المحيات
الطبيعية، كما في المحميات اللبنانية والسورية والتونسية والمغربيّة، والغيطان في
كل من غور الأردن وضفاف النيل وشواطىء دجلة، والعوم الآمن كما في شوطىء
الإمارات والبحرين وقطر وجدّة في المملكة العربية السعودية، وحتى البحر الميت
في الأردن والمياة المعدنية الصالحة للطبابة والأستشفاء من الأمراض والأسقام، كل
ذلك يجعل من بلادنا بلاداً سياحيّة بامتياز، ولكن ينقصها التدبّر، والإدارة،
والتسويق، والمتابعة، والإهتمام، والتأهيل، والتعليم، والتوثيق، والإعلام..
وهذه مهمّة وزارات السياحة التي لا نسمع من وزرائها حدثاً يُذكر، والمفروض
تعاون هذه الوزارات مع وزارات الإسكان، ووزارات الإقتصاد، لتكون ثمة برامج
سياحية متكاملة لا ننكر أن الخليج بدأ يتنبّه جيداً إلى هذا الجانب الإقتصادي الممتاز،
بشكل هائل ولافت ومهول..
ولا بد للمنطقة العربية أن تزيد من التفاتاتها إلى تقديم الخدمة اللائقة لتصير مقصداً
لكل سائح عربي، يتعرّف بلاده العربية بحبّ وشغف، وليس هذا وحسب بل هي إن
المنطقة العربيّة يمكن أن تكون محط أنظار العالم أجمع لما لهذه البلاد من موروث
حضاري وتراثي راقي وجميل..
فمتى ستكون السياحة هي في مقدمة الخطط الاستراتيجية للدول العربية لتطوير
البلاد واليد العاملة وإعداد الكوادر وتأهيل الكفاءات الشبابيّة التي للأسف هي أكبر
خسارة من خسارات العالم العربي كونها لم تعد تفكّر بإيجابية مطلقة إلى بالهجرة
إلى الغرب للبحث عن الفرص والإرتماء في دول القانون واستثمار الكفاءات التي
هي خسارة حقيقية لبلادنا العربية أكررها بأسف وغصّة، على أمل أن يتنبّه
المسؤول العربي لضرورة التطوير والتأهيل والتجديد والإخلاص ثم الإخلاص ثم
الإخلاص كما يحصل في البلد النموذجي “دبي ” الذي أثبت أنه بوسع العرب بقليل
من الحنكة والدراية والحب والإخلاص ليس الوصول إلى العالمية بل المنافسة وبكل
جدارة .
عمّان – الأردن
خاصّ – إلّا
Share this content: