Home دعسـة إلّاافتتاحيــة الحريري “نجم ” المؤتمر العالمي للحكومات

الحريري “نجم ” المؤتمر العالمي للحكومات

by رئيس التحرير

 

غادا فؤاد السمّان / شاعرة وكاتبة دمشقية – بيروت

وأخيراً تنفّس سعد الحريري الصعداء، خرج من بيروت مظفّراً بإعلان الحكومة ومكلّلاً بغمرة الإحتفالات، دخل أرض الخليج هذه المرّة بحضور ذاتي شاهق، ومعنويات عارمة، وثقة بالغة، لما تلقّاه من حفاوة لبنانية هناك وخليجيّة، الرجل الأربعيني استعاد حيوية الشاب الذي بدأ قبل عقد من الزمن ولكن بخبرة أكبر وحنكة أعمق، وهو يشعر ويلمس التقدير والإكبار الذي أحاطه بها نائب حاكم الإمارات، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومعه لفيف كبير من كبار الشيوخ والشخصيات الإماراتية، حين جلس إلى جانب حاكم دبيّ الشيخ محمد بن راشد عن يمينه وابنه عن يساره، اللبنانيون سكارى بلقاء الحريري وما هم بسُكارى تحلّقوا حوله، صفّقوا، هرجوا ومرجوا، وهتفوا ونادوا، وتصوروا معه “السيلفي ” وغيرها، والحريري يتهادى بخطواته، بانتعاشٍ، وألق، كنجم هوليوديّ أو بوليوديّ، استطاع أن يستعيد ثقته بنفسه وبشعبيته و بخصومه كذلك.

نتيجة بحث الصور عن زيارة الرئيس الحريري لدبي 2019)9/2

الرئيس الحريري بخطواته الواثقة نحو المنبر

ملامح الحريري لا تحتاج لكثير من الاستنطاق فهي تفصح عن كل ما يعتمل بداخله من أفراح مباغتة، بعد أتراح كثيرة تراكمت في الأعوام الأخيرة وشكّلت عِبْئاً على كاهله لا يطاق، إلا أنه تمّكن من إزاحتها منذ تبدّدت الغيوم بينه وبين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على أثر زيارته الأخيرة والتي أفصح فيها بن سلمان مداعباً، أن الحريري ضيف على المملكة بكامل قراره وهو حرّ بكامل إرادته وليس ملزماً أو مرغماً للزيارة مع مستلزمات الإقامة في حينه، وها هو اليوم محمد بن راشد يمدّه وبكل ما أوتي من توازن ورصانة وإنسانية وعروبة وشهامة بالثقة والودّ والدعم والإطمئنان، ولعلّها المرّة الأولى التي يرتجل الحريري فيها خطابه بسلاسة وهو الذي اعتاد أن يحيل عثراته إلى دعابة مضحكة ومهضومة ولذيذة ومحبّبة ومتداولة على مختلف وسائل التواصل.

لكنّ تمكنه من إلقاء الخطاب هذه المرّة سواء كان بتحضير مسبق أم ارتجال آنيّ، فقد بدا عفوياً للغاية، وقريباً من قلوب الجميع، الحاضرة أمام المنصّة أم المتابعة عبر التلفزة العربية أو عبر وسائل التواصل الأجتماعية، وكان اللافت عمق الألفة بين الرئيس سعد الحريري وبين الشيخ محمد بن راشد والتي بدت جليّة وواضحة وموثّقة ومباشرة بالصوت والصورة، فكان الحريري يستشهد بابن راشد وكان الأخير لا يخذله على الإطلاق بل على العكس كان يصادق على أقواله، بإيماءة من رأسه بالموافقة المعلنة وأحياناً المضمرة، المهم أن الإيجابية كانت حليفة ذاك اللقاء العريض على نطاق واسع، وواعد للبنانيين، الذين فاض بهم الصبر والمكابدة والإحتمال والفاقة، وكأنّما كان يودّ بشكل أو بآخر محمد ابن راشد أن يمدّ الرئيس الحريري بالقوّة والعزيمة بكل ما أوتي من صلاحيات وإمكاناتٍ وسعة صدر وأفق بمد أياديه البيضاء المشهودة في كل مكان ومقام.

وبدوره كان الرئيس الحريري يتدفق بحماسٍ جميل على أنّ الحكومة التي شكلّها ولم يتوانَ عن إطلاق الوعود العلنية بالقضاء على الفساد وملاحقة المتهاونين بحقوق المواطن، أضف إلى معالجة كل الملفات العالقة في الأدراج المغلقة لمكاتب الوزراء المتعاقبين، وأهمها ملف الكهرباء الذي بات منسوخاً عن قصّة “إبريق الزيت “، والذي لم يعد يحتمل أيّ تأجيل أو مراوغة أو حتى مماطلة كالعادة.

نتيجة بحث الصور عن زيارة الرئيس الحريري لدبي 2019)9/2

الإعلامي الفذ عماد الدين أديب يعود للضوء مع مؤتمر الحكومات العالمي بعد غياب ويحاور الرئيس الحريري الذي أدبى تفاعلا جميلاً وتناغماً لافتاً على مدار الحوار، بدون تكلّف أو تصنّع، بل بكامل التلقائية.

الإعلامي “عماد الدين أديب ” كالعادة له أسلوبه المميز بالحركة والشرح الذي يستهلك انتباه الضيف والمتابع على حدّ سواء، لم يعدم الحيلة والوسيلة، لاستنطاق السيد الحريري بكل ما كان يودّ أن يصرّح به أو ربّما لا يودّ، وبقدر ما يحمل تعهّد الحريري من تفاؤل مشرق، وفرج منتظر، وفرح أكيد، بقدر ما تتضاعف المخاوف والهواجس واليأس، ففي الجملة التي تعهّد وصرّح فيها الحريري مستشهداً بقول الشيخ محمد بن راشد الذي تمنّى حين دخل بيروت للمرة الأولى وأحبّها منذ ذلك الحين إلى اليوم وقال: “سأجعل مدينة دبي جميلة مثل هذه المدينة الرائعة بيروت وفعل، واستأنف قائلاً: وأنا أعدكم أن أجعل لبنان مثل دبي وأجمل، ولكن وهنا مربض الفَرَس، حين تبدّلت أحوال دبي من صحراء إلى جنّة، كان الشيخ محمد يعمل لصالح المواطن الإماراتي، وقد ورث عن الشيخ زايد رحمه الله ذاك المبدأ الذي رفضه السلف، وأيّده الخلف، بأنه لا يمكن لمواطن إماراتي أن يعيش داخل وطنه ببيت مأجور، أو يبيتُ على دَيْنٍ أو ضيم، وهكذا فتحت جميع ديوانيات الإمارات لاستقبال المواطنين باستفتاء عام، ومسح شامل لآخر مواطن إماراتي لم يكن يعلم من أمر القانون الجديد شيئاً، فجاءه القانون وأعطاه كامل الحقّ وفائض اليقين، على أنه ينتمي لوطن منصف حصيف، ولأسرةٍ حاكمةٍ بضمير، ومتحكّمة بوجدان، حافظة للعهود، وأمينة على حقوق الشعب كل الأمانة..

وهكذا تجد الإماراتي عاشق لشيوخه كعشقه لبلده وانتمائه وعائلته وذاته ومواطنيّته، بينما اللبناني ومثله السوري، فهو يعاني من إنماء مختلّ للغاية، فالتركيز كل التركيز هو على العاصمة، التي تخدم رأس المال لاسواه، مقابل إغراق الريف، والمدن الصغيرة، بالنقص والحرمان، بينما الإمارات السبعة تنافست كل واحدة لتكون الأحدث والأرقى أمام الجميع دون استثناءات واستنسابات واعتبارات مريعة.

وهنا كنا نودّ أن يسأل السيد عماد الدين أديب هذا السؤال.. برأيك يا دولة الرئيس لو أصبحت لبنان عموماً وبيروت خصوصاً ببهاء مدينة دبي وغيرها من الإمارات، هل وقتها سيبقى من موطىء قدم للمواطن اللبناني الذي وصل إلى الإختناق والانهيار والانتحار العلني، هل بوسع الحكومة العتيدة أن تفتح خزينتها أمام جميع المواطنين لتمنحهم امتيازات الملكيّة كما فعل الشيخ زايد رحمه الله، ومن بعد ابنه خليفة حفظه الله، وولي عهده الشيخ محمّد أكرمه الله..؟؟.

أم ستكون البلد مؤهّلة للوافدين السائحين الزائرين العابرين وللمستفيدين من التجار والمستثمرين وصغار الكسبة، والمواطن “المعتّر ” لا مكان له في المدينة السعيدة والمجتمع الفاضل المأمول؟؟.

 

خاصّ – إلّا –  

You may also like