Home لـوثـة إلّاثقافــة القرآن الكريم منطق لا يفسّره غير المنطق

القرآن الكريم منطق لا يفسّره غير المنطق

by رئيس التحرير

جمال شعبان / طبيب جراح مصري وكاتب وإعلامي – القاهرة

“الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان “..

من سورة الرحمن (صدق الله العظيم) الرحمن أو الرحمان غير الرحيم على وزن فعلان مما يفيد استمرار الرحمة وثبوت الصفة ثباتا لازما لازبا لا ينفك كما تقول فلان غرقان غير الغريق فالغرقان يفيد الاستمرارية والتفاعل وامتداد الحدث لا انتهاءه تأمل أول نعمة يمن بها الرحمن قبل الإيجاد والخلق هي تعليم القرآن لأنه بدون النهج السماوي وخطة الطريق تكون قضية الوجود عبثية وسدى لا طائل من ورائه علم القرآن لمن ؟!

لقد ترك القراءة مفتوحة لفتح باب الاجتهاد إلى يوم الدين، لم يقل علّم القرآن لمحمد أو لجبريل بل التعليم متاح لكل عقل يتدبّر ولكلّ روح توجّه بوصلتها شطر النص القرآني فتتنزّل الفيوضات وتنساب التجلّيات وتنسكب التأمّلات ثمّ مَنّ الله بالخلق من العدم حيث لم يكن الانسان شيئاً مذكوراً فسوّاه ونفخ فيه من روحه ليجعله روح الوجود ومعنى النصّ الكوني وبدونه يكون الكون مأوى للأشباح ثم يثمّن المولى قيمة الكلمة وموهبة البيان، ويؤكّد أنّ البيان تعليم إلهي مباشر للإنسان كما جاء في سورة البقرة، وعلّم أدم الأسماء كلّها حيث علّمه الأبجديات، واللغات، والتعابير، والإنشاء وهي مناط العبقرية الانسانية وتميّز البشر على الملائكة الذين تمّ إعفاءهم من أمانة الكلمة، وعبءِ المسؤوليّة بل جِبِلوا على الطاعة المطلقة والانصياع الذاتي.

ثم تنتقل الإشارة إلى علمِ الفلك والحساب والشمس والقمر والنجوم والتي تخضع لنواميس محسوبة بدقّة الفامتو ثانية وقد ساوى المولى عزّ وجلّ بين النجم في عليائه، والشجر في غبرائه، في الطاعة الإجبارية، والتحرر من المسؤوليّة، والسجود دون اختيار، والانصياع لقوانين الفيزياء والكيمياء، وخصائص البيولوجيا وإني لأتعجّب من تفسير بعض القدماء لكلمة النجم بالعشب الذي لا ساق له موازيا للشجر الذي له سيقان بينما لم ترد كلمة النجم في القرآن بهذا المعنى.

ثم تؤكد السورة علي أهمية العدل بتكرار كلمة الميزان ثلاث مرات ويرفع من أهمية العدل بذكره وضع الميزان مقابلا لرفع السماء، ويصمّم على إقامة العدل، والوزن بالقسطاس المستقيم، دون إجحاف أو محاباة فالعدل أساس الملك والعدل حجر الأساس لبناء الكون، وإذا اهتزّت الموازين أصبح الكون حلبة للوغى، والصراع، وغابة وحشية، إلى أن تندثر آخر قيم الحب والجمال.

 

 

You may also like