Home إلّا د. عبد المجيد الرافعي حيّاً في وجدانٍ حيّ

د. عبد المجيد الرافعي حيّاً في وجدانٍ حيّ

by رئيس التحرير

جان عبيد / رجل فكر وقانون ومرشّح دائم لرئاسة الجمهورية اللبنانية- ونائب لبناني- طرابلس

الذكرى السنويّة الأولى للراحل الدكتور عبدالمجيد الرافعي الحضور الكرام ما كنت أحسبني يوماً أني سأقف في ذكرى تأبين عبد المجيد الرافعي ووداعه.

والواقع أننا اليوم في حفل إنصافه وتخليده على شرفة البقاء الدائم أكثر مِمَّا نحن في التأبين أو التوديع. الحكيم الطيب عبد المجيد محمد الطيب الرافعي باغتنا ورحل مفاجئاً على غير عادة وهو الذي ما فارق في حياته صديقاً أو رفيقاً أو حبيباً بلا وداع أو استئذان.

والحفل اليوم ليس لاستحضاره فهو ما فارق الحضور، ولا لاستعادته فهو حيّ يضجّ بالحياة. لقد عرفت هذا الحكيم الآدمي وأرملته المناضلة الراقية الدكتورة ليلى وإخوته وإخوانه وصهره ومحبيه ورفاقه منذ ما يفوق نصف القرن.

 

نتيجة بحث الصور عن عبد المجيد الرافعي

الراحل الدكتور عبد المجيد الرافعي

وكان فيه دائماً القائد والقدوة والرمز للتجدد والتجرد والمواطنة والعروبة والحسّ الإنساني والسلوك العلماني والرفعة المشهودة والوداعة المتواضعة على كبر، ونذر النفس للفقراء والمعوزين قبل سواهم من الأغنياء أو الأقوياء.

كان بالنسبة إليّ شخصياً رجلاً نبيلاً وصديقاً وصادقاً وصبوحاً في الخُلق والخَلق ولمدى طويل ومديد. وعندما أتحدث عن الدكتور الحكيم الحليم فإنما أتحدث عمّا يقارب ثلثي القرن وأتكلم عن كوكبة من إخوانه ورفاقه ما زالوا يضجّون في الوجود والوجدان من أحمد الصوفي الى نعيم فهمي وحاتم شاهين وهشام زمرلي وخالد العلي وخاصة نقولا الفرزلي وجهاد كرم وسواهم.

ومع أني لم أنتسب في حياتي إلى أي حزب فإنّ الصِلات مع عبد المجيد كانت من بعيد أبقى وأحنّ ممّا تكون بين رفاق يترافقون ثمّ يفترقون فضلاً عن أنهم قد يختلفون ويتغاضبون ويتقاتلون ويقتتلون كذلك . والأمر ما سرى أبداً على أخلاق عبد المجيد ومع رفاقه وإخوانه والناس.

 

نتيجة بحث الصور عن عبد المجيد الرافعي

الراحل الدكتور عبد المجيد الرافعي

وأذكر في هذا المقام لصديق آخر شبه أمّي رغم عبقريته قوله عندما سئل إن كان يحب أكثر أخاه أم صاحبه فأجاب إني أحب أخي أكثر إن كان صاحبي. ولن أنسى اللقاءات شبه الدورية التي كنا نجريها مع “أبو فواز” العزيز فايز السنكري وحتى الأيام الأخيرة فقد كان فيها استعراض شامل لأحوال البلاد والعباد ولرحلة الحياة ومسيرتها فيما بيننا وفي هذه الأمّة وبمحبة وشفافية طبعت وعطّرت عشرات السنين وحتى الأيام الأخيرة. ولن تزول. وكان على الدوام كبيراً بالقامة والهمّة والحكمة والنعمة والعزيمة، وبالمباراة الشريفة وبخاصة في زمن الرئيس الحكيم الشهيد الراحل رشيد كرامي وآل كرامي الكرام. كان الزمن أيضاً جميلاً رغم النواقص والشوائب، فإن العنوان العريض أنه كان زمن النضال والسياسة والخدمة والكلمة والوطنية والقومية والمنافسة. وجلّ و قلّ زمن أو رجل لا عيوب فيه ولا نواقص أو شوائب.

لقد ألهم الله الحكيم أن يجتهد لكي يغتني بالعلم في زمن الجهل ويتزيّن بالحلم بعيداً عن الغطرسة ويتكرّم بالتقوى في وجه الدجل ويتجمّل بالصبر إزاء الشدائد وبالحكمة في حمأة الحماقة ويتسلّح بالشجاعة مقابل التخاذل والتهور. أيها الراحل الكبير الطيب: لقد ذهبت إلى ربّك مضمّخاً بالفضيلة وبالطيبة واللياقة والأدب في التنافس في تلك المرحلة كلها. وكما يذهب دائماً الطيبون إلى الله ذهبت، “يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلبٍ سليم”، كما يقول الذكر الكريم الحكيم . في جوار المولى مع الأبرار والصدّيقين والطيبين الذين يرتفعون إلى الرفيق الأعلى بعد أن يحاولوا طوال عمرهم أن يرفعوا من في الأرض نحو السماء. ومثلك لا يُذكر أو يُفتقد على قدر عمره بل على قدْر قدْره وعطره وخيره في حياته الدنيا وفي سبيله إلى الخلود وأنت دائماً مع مريديك ومحبّيك إلى أن يقضي الله بالمقضي ويأذن بالمقتضى. والسلام.

You may also like