Home إلّا تسويق محموم لأشهر لحن جنائزى حاليا.. النظام عصبي وضيّق الصدر !

تسويق محموم لأشهر لحن جنائزى حاليا.. النظام عصبي وضيّق الصدر !

by رئيس التحرير

محمد حسن الألفى / قاص وروائي وكاتب مقال مصري -القاهرة

بقدر ما يبدو المسرح الاقليمي والدولي ، بالتالي ، مغريا بالعرض والبحث والتحليل ثم الاستخلاص وتطبيق النتائج علي الداخل بكل فورانه ، بقدر ما يفرض المسرح المصري المحلي ذاته وضغوطه وتداعياته وتناقضاته علي كل قلم وكل قلب مصرى مهموم وملغوم بالغبار السياسي والاعلامي ، بل وبالتراب العاصف والبرق الخاطف والسيل الحارف ! لقد شهد الأيام القليلة الماضية حدثا سياسيا دراميا بالغ الغرابة في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين ، ألقى بدروس وعبر ، علي سكان الشرق الأوسط من العرب ، غير أن أحدا لا يتعظ ولا يتعلم . فقد اتفقت كوريا الشمالية النووية مع نصفها الآخر الجنوبي الغني المحمي بالقوة العسكرية الأمريكية مقابل أجر ، علي انهاء الحرب الكورية الباردة المشتعلة منذ أكثر من ستة عقود . ومع هدوء نسبي محسوب الايقاع ، في شبه الجزيرة الكورية ، جري ويجري عتصعيد علي الجبهة الايرانية الخليجية الاسرائيلية فوق الأراضي السورية . يلفت النظر أن مهندس التبريد هناك في أقصي الشرق الأسيوى هو ذاته مهندس التسخين في الشرق الأوسط .هو بومبيو رجل المخابرات الأمريكية ، ووزير خارجية ترامب حاليا ، الذي تنقل بين عواصم خليجية اهمها السعودية ، يطمئن الخليج ويسلم الفاتورة المطلوبة ويحذر ايران، وفي السياق ذاته ، وبالتزامن أقام رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو أشهر كاذب سياسي في العالم ، عرضا بالوثائق والرسوم والبيانات والصور والفيديوهات قال فيه إن المخابرات الاسرائيلية وضعت يدها علي الأرشيف الكامل للقنبلة النووية الايرانية ، تحت الأرض في جنوبي طهران، وأن لديها نسخة كاملة من الملفات والسيديهات، وقال ان ايران تكذب بالفعل ولديها مواد كاملة وجاهزة لانتاج قنبلتها النووية . ولاتزال تداعيات الكذب المتبادل مستمرة ومتدفقة بين كل الاطراف الأصلية والدخيلة في المنطقة . وقصاري القول فيه أن ايران واسرائيل وجهان لعملة واحدة . ايران هي اسرائيل واسرائيل هي ايران وكل العرب حاليا هم فلسطين أو ما تبقى !
كل هذه الطبول المجنونة من حولنا توازت معها دقات طبول رخيصة متشحة بذكاء بهلواني ، تزف اللحن ذاته لكي يطرب السيد الامريكي والسيد التركي .
بالطبع بدأت النغمة بدعوة ليست غريبة من عماد الدين اديب قبل أسابيع إلي الحوار مع المعتاطفين مع الاخوان الذين هم بحكم القانون كيان ارهابي ، ولم تمض ايام حتى خرج صوت أجش عريق في الاخوانية ، يدعو إلي مصالحة وإلى حوار ولجنة عقلاء وحكماء ، عربية ومحلية ودولية ، لمد الجسور بين الدولة المصرية والجماعة الارهابية ، وتزامنت مع تلك الدعوة الفجة الرخيصة هذه ايضا ، دعوة ابراهيم منير القيادي الاخواني الكبير بلندن إلي المصالحة ، ولا يمكن بحال من الاحوال عزل تاثير المخابرات البريطانية عن هذه الدعوات المتدرجة . فتش عن الشرارة الأولي ، من أول من يطلقها ، ومن اول من يستعملها ، ومن الذي يكرر النغمات المسمومة ! الخروج الآمن لمبارك ، وكان المقصود خروجا للدولة المصرية من تاريخها وجغرافيتها كما تبين ، بشر به عماد الدين أديب وهو ذاته نذير السوء حامل رسالة “كلموا المتعاطفين حتى لا تخسروهم لدي الارهابيين” . المتعاطف محب ، والمحب درجة في درجات التنظيم الارهابي . وهذا معلوم له . مع هذا الضجيج الرتيب السقيم الملول من أفواه حمضية ، لايكف اعلاميون وصحفيون عن اللطم والعويل وشد الشعر، والبكاء علي ازهي عصور الحرية والديمقراطية التى اعتبروها هم أنفسهم ايام الرئيس الأسبق مظاهر صارخة علي الفساد والقمع والطغيان . قويت البكائيات هذه الأيام علي أن الرئيس ورجال النظام في الدولة يضيقون بالرأى الآخر ، وأن الصحف لا تستطيع ان تقول كما تشاء ، ومحطات فضائية محكومة برأسمال الدولة وأجهزتها ، وأن المدير الحقيقي ليس الاعلامي المحترف رئيس القناة ، بل رجل أمن أو مسئول في موقع سيادي .
إذا كان هذا الكلام الذي ينشر مقموعا فكيف قرأنا وسمعناه وشاهدناه فعرفناه ؟
صحف كثيرة كتبت عن ضغوط ، ومذيعون ينوهون ، وفي الوقت ذاته تمتلئ الصفحات والساعات بموضوعات ومقالات وفيديوهات ومقابلات ، معارضة ومخاصمة وفاجرة في الخصومة ، كما لا يجوز اغفال مقالات منافقة تتلمس الرضا وتلتمس الأحذية . في أعقاب الأزمات الكبرى ، الحروب والكوارث والمصائب ، تطفح الغريزة الانسانية في أبشع صورها الحيوانية . فالانسان الرقيق العذب الهادئ في الظرف العادي ستراه الوحش الكاسر في ظرف الندرة. ندرة أمان أو ندرة أمن أو ندرة طعام . ونحن ذقنا هذا الوضع في ظرف ندرة الثلاثة بفعل العملاء وحاملي الرايات السوداء ، في الجهات الحكومية وفي الفضائيات وفي الصحف ، دواعش الفكر والميول . ندرة ثلاثية مع وفرة دولارية مخططة أحدثت الكارثة الكبري . رد الفعل الطبيعي هو اقرار الأمن ،وبسط هيبة الدولة وفرض النظام ، ولا يكون ذلك بدون تكلفة لمن لايزال يتصور أن من الممكن اعادة انتاج الفوضي التى مهدت لبروز العملاء وتفشيهم في نخاع الدولة .
ضبط ايقاع المجتمع يستلزم صرامة القانون ، ورد الأنطاع إلي صوابهم ، واعادة تعريف مفاهيم ضالة مثل حرية التعبير وحرية الاعلام وحقوق الانسان . التوسع في مفهومها قذف بها إلي نطاقات الفوضى والهدم والعمالة المبررة . رد المفاهيم إلي الأصول القانونية والمجتمعية يعصم الدولة من طفح خيانات أخرى ودعوات تعاطف متشعتفة أخرى . في الوقت ذاته ، ولمنع ما حذرنا منه للتو ، فإن علي النظام الحاكم الآ ينزلق الي الخلط بينه وبين مفهوم الدولة ، خصوصا وأن كل الدعم الذي حصل عليه ولايزال هو دعم للدولة ، وله باعتباره أو ل من بادر وضحى وقدم عنقه فداء للدولة بمفهومها الحضاري . تعميق الخلط والدمج ، وتخطى حدود ما هو دولة وما هو نظام سيحمل النظام اخطاء جماعات وأفراد وجهات محسوبة عليه ، ولا يرديدها مجللة بهذه الأخطاء ، بل سيجد نفسه في مواجهة معها حتى لا تدف عالدولة فاتورتهم أو يدفعها رأس النظام ذاته ، ثم إننا نحب هذا الرأس ونمتن لشجاعته ، وهو بالطبع وبالقطع ما لانريد تكراره لأننا جميعا دفعنا ولا نزال ندفع الثمن !
قلت رأيي بمنتهي الحرية ، وهو لحساب الوطن ، منزها عن كل هوي أو طلبا لمصلحة ، ولسوف يبقي كذلك .

 المصدر – صوت الأمّة –

You may also like