Home سياسة إلّا ” خزّانات سياسيّة و فزّاعات وطنيّة وهويّة للغياب “

” خزّانات سياسيّة و فزّاعات وطنيّة وهويّة للغياب “

by رئيس التحرير

أيمن الخطيب / كاتب وناشط سياسي فلسطيني – الأردن- عمّان

 

لا يمكن لأيّ نظام سياسي أن يستمر و يواصل معركة الدفاع عن مكتسابته و وجوده في ظلّ هيمنة عقلية التاجر مرّة والجلاد مرّة أخرى في إتصاله وعلاقته مع الشعب، واذا كانت الأنظمة السياسية تشحذ شرعياتها بواقع شرعيات دينية أو تاريخية أو وطنية أو ثورية، فإن شرعية الشعب هي المعالج الطبيعي لكلّ هذه الشرعيات وهي التي تؤسّس التوازن بينهم.

القاعدة الأساسية التي تجمع بين السلطة السياسيّة والشعب هي ” قاعدة اللقاء الإنساني “، بكل ما تتضمّن من اعتراف متبادل، وتداول للسلطة، و مفهوم المسائلة، والمكاشفة، الذي يكفل حقّ شعب في محاسبة النظام السياسي في كل الملفات ويتيح له إحالة أيّة سلطة للقضاء في حال ثبتت إدانتها، أما قاعدة الإضطهاد و التبخيس و اللجم و التهميش وتهشيم دور الشعب الطبيعي والتاريخي في تحديد مصيره و مسيره هذا يشكل حاضن طبيعي لكل أشكال الفجوات والصدامات والإحتقان التي تظهر على السطح سريعا.

لعلّ ما يحدث أردنيا، يعود إلى أنّ السلطة لا تزال تقحم نفسها في دواليب الأخطاء، في إدارتها للبنية التحتية الإجتماعية، وفي صياغتها للوعي الجمعي والرأي العام، تماماً كما تمارس سياسة اللعب على التناقضات، التي تبنّاها المركز الحاكم، الضيّق تاريخيّاً، مما ساهم في تسطيح المجتمع أفقياً وعامودياً، وبالتالي خلقت مناخاً خصباً لردّات، فعل جماهيرية باتت يضيع معها مفهوم المصلحة العامة والهوية الوطنية، وحتى القواعد الشعبية التي استند واعتمد عليها النظام السياسي تاريخيا، صارت تشكّل قوّة مضادّة له أولا و للوطن ثانياً، لأنّ سلوكاً سياسياً وأمنياً و إجتماعيا يفرز الشعب، وفق شبكة مصالح جهوية، و إقليمية، ومناطقية، تعني بؤر حامية، وقنابل موقوتة، لها ما لها للإنفجار .

الطرح ليس فلسفيّاً أبدا، لكن ما يجري الآن هو نتاج طبيعي وحتمي لدور الأجهزة المشغّلة التي تستهلك الشعب يومياً، وتستخدمهم كخزّانات سياسيّة مرّة، و كفزّاعات مرّة، وستسخدمهم لاحقا ” كقتلة “، ومشاريع إنتحار جماعي، وعليه ينبغي التحضير لمعالجة فورية لكل الأساليب التي تدار بها الدولة، وبناها التحتية، وملفاتها الأمنية والإقتصادية والسياسية، لأنه من غير المعقول أن نستمر في التورّط في هذا المشهد دون وجود قرار جماعي بالتصدّي لكل حالات التشوّه هذه، و دون وجود آليات عمل جديدة تبني علاقة طبيعية بين الدولة والشعب و أساس للحوار الوطني و حاضن طبيعي صلب للهوية الوطنية التي تستعد للغياب.

الأردن إذاً في رقبة صاحب القرار، و أيّ قطار لا يحمل كل الأردن، شعبا، و جغرافية، و سلطة سياسية وطنية، هو قطار صدىء، وضعيف، ومصيره الإنفجار .

 

خاصّ – إلا –

You may also like