Home إلّا المَشْهد العامّ للأمّة العربيّة عبرَ -القنوات التبشيريّة –

المَشْهد العامّ للأمّة العربيّة عبرَ -القنوات التبشيريّة –

by رئيس التحرير

ليلى الحبّال/ كاتبة وناشطة اجتماعية سورية – لبنان

وأخيرا أصبح عندي “دش ديجتال “، طبعاً تأخّرت للحصول عليه نظراً لقلّة متابعتي للقنوات التليفزيونية، بعد هدوء مرحلة “الربيع العبري ” والإدمان على مشاهدة التليفزيون، استطعت العلاج منه عن طريق الرجوع إلى الهوايات العادية، المهم من بعد ما تمّ تركيب “الدش ” سألت الشاب كم محطة على النايلسات قال حوالي 1700 محطة طبعا بدون المحطات السورية والمنار، قلت مش مشكلة سأتابع المحطات “المغضوب ” عليها من النت، وهو أضعف الإيمان ..

بدأتُ بجولة على محطات التليفزيون حتى أتعرّف على الباقة الكبيرة من المواد المرسلة إلينا، وطبيعة الأحداث للبلاد من باب الفضول والتعتير..

السودان.. والله يا زول إحنا هاندمر أيّ حدّ يعتدي علينا ..والسؤال: قبل التقسيم أو بعده، أو قبل المجاعات أو قبل التحالفات أو قبل إلغاء العقوبات يا زول إنت..؟!

أرتيريا.. أغاني حبّ غير مفهومة إلا من نظرات الغنج والدلال.

كوردستان.. كل شي بالكردي محطات لم أفهم من محتواها إلا الصور والـلُؤم.

العراق.. عدد كبير من المحطات وطبعاً عذرتهم نظراً لكميّة الاختلاف والتنوّع بين مكوّنات الشعب الذي يحتار حتى القدر كيف يرضيهم، ويمنّ عليهم بالسكينة.

ليبيا.. أمم فعلاً حيّرة، ومشهد غريب على كل المحطات الليبيّة المُستحدثة بعد التحرير، ولولا شارة القنوات ماعرفت أنها تعود لليبيا حيث لا جرح لا حرب لا وطن.

الأردن.. يا هلا بالضيف عاش من عاش ومات من مات، والديب لفّ سبع لفّات.

اليمن.. قنوات هادي الحوثي، والقتال مستمرّ حتى على الشاشات، والمأساة لم تحرّك أي ضمير عالمي مستتر، تحت قبّة الأمم المتّحدة.

مصر.. أمّ الدنيا (سابقا)، وأبوه حاليّاُ، قنوات مالهاش عدد يا دين النبي !!! فقط “زانوسي ” العامل المشترك بينهم، وهو عامل قوي لدرجة أنك تنسى أيّة محطة تتابع، ومهما كانت تعرض، المهم ما تنساش زانوسي رؤية محليّة ضيّقة وخارجية ضحلة لدرجة استغباء المُشاهِد.

السعودية.. “طال عمرك كل شي بخير، وأكشِنْها “، ويادارة دوري على الأمراء ورؤساء الوزراء، الذين تحوّلوا من أصحاب المناصب إلى البؤساء.

الإمارات.. سباق الهجن في جوٍّ سديميٍّ مليءٍ بالمؤامرات.

الكويت.. مكسوفة مكسوفة منك .. الله يطوّل بعمر “شادية “.

البحرين.. ما في ولا خبر عن وزير الخارجية للأسف، والسبب أنه لاتوجد شاشة بحجمه ربّما.

سلطنة عمان.. برامج جميلة، وليس لها علاقة بالكوكب ككل.

لبنان.. عواصف وأمطار، وليالي صيف، وأقمار، ودراويش بالبار.

ســوريا.. (على النت) أجواء من الاحتفالات، والبهجة تعمّ على الشعب بسبب استقرار سعر صرف المارك البوسني عملة دولة البوسنة الشقيقة، والاّتي أعظم، قنوات التبشير وتقشير العقول من الهمّ والمعمول، قنوات سنيّة،  وقنوات شيعيّة، وقنوات قبطيّة، وقنوات ارثوذكسيّة، وقنوات مارونيّة، ومعها دخلت الصوفيّة، على خطّ عرض العضلات، ناهيك عن قنوات فكّ الأعمال، والسحر، وجلب الغائب، وكريمات خاصّة بالرجولة والفحولة، أضف إلى قنوات التسوّل، وغيرها تعرض لنا حالات من العذابات الإنسانية مع أرقام الحوالات البنكية !!!!!!

وتأتي في المقدمة قنوات السياحة … تركيا أو لا أحد، وتأتي قنوات الأفلام الوثائقيّة قليلة ومنحدرة نسبياً، إضافة إلى القنوات المستغلّة أيّ المستقلّة، وهي تندرج تحت اسم القنوات الإخبارية، قوتها اليومي المتاجرة بدماء الأبرياء، بالتعاون مع كل ما سبق من قنوات.

وثمّة قنوات عديدة للتسلية، تقدّم الأغاني المهدرجة، وهناك أفلام الإسفاف، مع رشّة سكس من العيار الواطي الدنيء، وحدها ربّما قناة الزراعة لا غبار عليها، وهي ما تبقّت من بعد حذف كل ما ورد أعلاه.

والسؤال إذا كنّا نقدّم للمشاهدين في البيوت، والمقاهي، وأماكن التجمّعات هذا الكم الهائل من الحقد والكره والجهل والدم وإلغاء الاّخر، والتعتيم على كل ما من شأنه الارتقاء بعقولنا المحجوبة أصلاً منذ زمن بعيد جداّ..     فكيف نستطيع مجرّد التفكير بالخروج من جهنم هذه التي نحيا بداخلها، بوقود متوفّر مجاناً، ويزداد كل يوم مع عشرات القنوات الجديدة تزامناً مع ازدياد عمليات القتل الفكري والجسدي المتعمّد.

لا يوجد عقل واعي واحد قادر على العمل بمفرده في وجه هذه المنظومة المتراصّة أمام أعيننا وتجعلنا عبيد بكل معنى الكلمة نعم نحن عبيد للكلمة الفارغة، وعبيد للفكرة الغثّة، وعبيد للمنتج التافه.

فهل نستطيع تكوين جبهة واحدة، ضدّ الأعور الفكري الذي أصبح بمثابة المعبود من دون الحقيقة المجرّدة.

إنه مجرّد سؤال، يبقى قيد الأنتظار ريثما تكون قيامة الوعي والصحو واليقظة ولو بعد حين…!

 

خاصّ – إلّا – 

You may also like

1 comment

يحيى 24/11/2017 - 3:24 صباحًا

ربيع عبري وربيع عربي هو نفس التكوين والتكون

Comments are closed.