Home جيران إلّا كيف برعنا في تسويق ثورات الخراب العربي بغباء !؟

كيف برعنا في تسويق ثورات الخراب العربي بغباء !؟

by رئيس التحرير

محمد حسن الألفى / كاتب وروائي وصحافي مصري – القاهرة

لا نضيف اختراعا، ولا نصنع ابتكارا، حين نقول أن الكلمة مدفع او بندقية، سيف أوسكين، صاروخ أو قذيفة، وإذا كانت الأسلحة والذخائر ، ضمن تجهيزات عديدة أخرى ، هي أدوات الجيوش لتنفيذ مجموعة محددة من خطط العمليات التكتيكية الميدانية وصولا لحزمة الاهداف الاستراتيجية السياسية والعسكرية ، فإن هذه الجيوش بآسلحتها وعدتها ورجالها لا يمكن بحال من الاحوال ، في عصرنا الحديث هذا ، ان تتحرك بدون قاعدة معلومات استخباراتية استطلاعية موثوق في كفاءتها وصدقيتها . هذه المعلومات هي طعام القادة المنشود، يهضمونه ويحللونه ، ويتصرفون علي ضوء نتائج التحليلات ، ومعها يحركون القوات في اتجاه الأهداف المرصودة وهذه المعلومات هي شغل أجهزة المخابرات الحربية ، والعامة ، والمتخصصة ، تصب جميعها ، في حزمة واحدة كاشفة ، توضع تحت عين وعقل صانع القرار السياسي ، الذي هو ايضا قرار عسكري . بطريقة اخرى ، يمكن القول أن الجيوش هي الجسم ، وان اجهزة المعلومات هي المخ . وفي وقت أسود من تاريخ مصر ، بعد مؤامرة الخامس والعشرين من يناير ، فقدت البلاد العناصر المعلوماتية الفعالة في جهاز الشرطة ، وبقرار من عصابة الاخوان الحاكمة وقتها ، لكي تصبح الشرطة عمياء ، لا تعرف من أين تتلقي الطعنات ، وتسقط فعاليتها في نظر الشعب ، وذلك كله تمهيدا لصنع جهاز شرطة اخواني ميليشياتي . اجهزة المخابرات هي إذن من يمهد الأراضي للحرق أو الغزو أو السيطرة ، ولها أذرع امنية مدربة ، كما أن لها قوة ناعمة ، بالغة المهارة في تسخير نتائج دراسات علم النفس ، والقدرات والخصائص المميزة للأفراد والشعوب ، بل ولها القدرة علي النفاذ الي المجتمعات لفرز وانتقاء العناصر الصالحة للفساد فالإفساد فالخيانة بالتخابر ! من هنا كانت مدرسة صربيا ، لجمع وفرزوتلقين المجموعات النوعية ، من القابلين للتحول ضد الوطن الأم ، كلا في منطقته ، مستترين وراء دعاوى المجتمع المدني ، والديمقراطية ، والتغيير السلمي . وفي هذه المدرسة العليا للمخابرات الغربية ،تتم عادة صهر ونحت وسبك تعبيرات مثل الثورة البرتقالية ، ومثل التعبير الشائع الفاضح الربيع العربي ، ومثل مصطلح الدولة الفاشلة ، والدولة المارقة . ولا يمكن بحال من احوال التدبر العقلي العميق تغافل أن هذه التعبيرات تمت صياغتها والاتفاق عليها سلفا ، وقبل أن تنقل الي كوادر وقادة عمليات التغيير السلمي . علي نحو أكثر سرعة ، فإن المجموعات التى دعت إلى نزول الناس يوم الخامس والعشرين الأسود في العام ٢٠١١، كانت لديها مدونة شعارات ، مخابراتية ،أطلقها صبي جوجل وائل غنيم ،عبر صفحة التحريض علي الدولة ، صفحة أسماها ” كلنا خالد سعيد” ويمكنكم الرجوع الي موقع علمي أكاديمي متميز اسمه” TED”، كان استضاف صبي صربيا ليشرح عملية تغيير مصر من الداخل بالفوضى . شهور تقريبا مضت قبيل يوم نزول الناس ، ويوما بعد الآخر كانت الصفحة تتمدد وتكبر وتجتذب الساخطين علي الفساد والمحبطين والعاطلين ، والمهيجين والفوضويين ، وفي الوقت ذاته كانت مجموعة الاعلام المدربة وقتها ، كتيبة التبشير ، ابرزهم مصطفى النجار والولد زياد العليمي قليل التربية الذي سب علنا المشير طنطاوي لأن أمه حرمته من نعمة التهذيب، تلقوا الشارات والشعارات ، ثم المبربشة العفيفة في وطنيتها التى فتحت ذراعيها واعز ما تملك ، عقلها يعني ، للارتماء في بحر الدموع هي والعميل ! ووسط النيران والحرائق والسرقات والشعارات والفوضي ، ومع أول طلعة تخريب تحت راية العملاء من الصربيين الابريليين والبرادعية ( كلهم سبيكة واحدة معادية للوطن مصنوعة بولاء غربي ) والاخوان ، وباشارة بدء من المخابرات المركزية في محطة اسطنبول الي محمد مرسي المعزول ، أشار اليها بالتوثيق والفضح ، الدكتور عبد الرحيم علي ، في عز عز الخيانة والخراب ، في لقاءات مع عكاشة وغيره ، وعلي الهواء ،لكن أحدا وقتها لم يكن لديه شجاعة الاصغاء والانتباه ، فقد انطلقت روح القطيع ، وغاب العقل وحلت عقيدة الدهماء والساخطين والرافضين والاناركيين (الثوريون الاشتراكيون ) ، وفق مخطط الفوضى الخلاقة. واحترق الوطن من أقصاه الي أقصاه . وسط هذا كله ألم يلفت النظر والبصر قط نزول شعار ثورات الربيع العربي ، منذ انتحار الشاب بوعزيزي كافرا في تونس ، فنحر معه المنطقة ، ثم حريق ليبيا ، ثم التركيز عليه في مصر ؟! ألم نلحظ اصرار ادارة اوباما وهيلاري ،علي ترديد التعبير ، وتكراره، طول الوقت في وسائل الاعلام كافة ؟ . لو تأملنا التعبير سنجده يحمل مضمونا مغريا ، فالثورة عمل شعبي شامل يؤسس لدولة جديدة من أجل أهداف ترفع شأن الأمة، غابت بالاستبداد أو الجهل أو الإفساد عن النظام السابق الذي كان يقوم علي شئونها. وفي وقت الرئيس الأسبق مبارك ، كان لدي اجهزة المعلومات تقارير مؤكدة عن سخط شعبي جارف يتجمع ، ومع ذلك ، فان أقصى ما توقعه رئيس المخابرات اللواء الراحل عمر سليمان هو الآ يبيت المتظاهرون في ميدان التحرير ، وأن المخابرات والداخلية فوجئت بصخامة الأعداد . تلك رواية سمعتها بنفسي من اسد المخابرات المصرية في آخر لقاء مع رؤساء التحرير في قصر الاتحادية ومبارك بعد في السلطة . من يومها وتعبير ثورات الربيع العربي المعمول في رحم المخابرات الغربية لايزال يتردد بجهل وحمق وببغائية ،علي ألسنة اعلاميين سطحيين ، ومسئولين لا يتدبرون ما يرددون . ولأن الاعلام الآن هو من يقود الساسة ، فإنه يصك لهم ما تم صكه له ! وبذلك تتم عملية تسويق ناجحة دؤوبة لمصطلحات فاسدة مطعمة بفيروسات تدمير الدولة . من الناس من انتبه الي أن التعبير الحق هو ثورات الربيع العبري ، أي أن ما يجري من خراب هو ازدهار لشجرة الدولة الاسرائيلية علي حساب العرب . معاقبة الحكام باطلاق شرور الدهماء ، تقودهم نخبة عميلة ،ليس فقط لطرد الحكام موضع السخط ، بل لاسقاط جغرافيا المكان ذاته وحدوده ، أي الدولة ، كان هو المخطط ، ولا يزال ثمّة مصطلح “الفوبيا والدولة الفاشلة  “..

المصدر : جريدة “البوابة نيوز  ” الورقية – مصر

You may also like