Home لـوثـة إلّاأدب عيد الحب لفلسطين

بلال شرارة – كاتب وشاعر لبناني – مستشار رئيس مجلس النواب – بيروت

 

     انا عندما كنت في عز شبابي، محارباً نضراً  كقضيب رمان منتشراً على محاور الشعارات،  عندما كنت متدرّباً على حرب الشِعَب طويلة الأمد في مخيم (برج البراجنة)، عندما كنت أحيي الليل على محاور (ترنشة) جيش التحرير على مطل (عيترون)٠

عندما كان يسرح نظري أبعد من  (جبل الشيخ) و (مرج بني عامر)  و (بحيرة الحولة) عندما كان نظري، وحدقة عيني ترى أوسع من  (مرج مارون) ،عندما كنت أعبر الساقية في (سهلات المي)، من لبنان إلى سوريا وأنا أطارد طيراً ببندقية صيد دون أن أمر على الجمارك، و حواجز الأمن  العام و أختم إشارات الدخول والخروج على جواز سفري٠

عندما كنت (أدعس) على بطن الحبلى فلا تشعر بي، عندما كنت أسهر و أسهر حتى مطلع الفجر، عندما كنت أمشي في التظاهرات المطلبية من (النبعة إلى الدورة فالكرنتينا فساحة البرج إلى مجلس النواب)، و تتصدّى لنا (دولتنا) بأعقاب البنادق، و الغاز المسيل للدموع وننتظر حتى تدار علينا خراطيم المياه من سيارات الاطفاء، عندما كنت كذلك و كنت ٠٠ وكنت، كنت لا انتبه لعيد الحب و لا للحب. 

     كنت رأساً يتحرّك تحت خوذة حربية غير ملائمة او رأساً ملفوفاً (بِالسُلك) الفلسطيني مقتنعاً (أن الحبّ طير أبيض – كما يصفه محمود درويش – لا يقرب الميدان والجنود) ٠ آنذاك كنت مشروع شهيدٍ طاهرٍ مطهرٍ من كل دنس! مجردٍ من العادات السرية و الأوهام، مجردٌ من المشاعر و الأحاسيس تجاه الجنس الآخر٠

قد علموني قواعد خاطئه : عندما يتقدّم العدو نتراجع إلى الخلف (لم أنتبه لأسألهم : طيب متى نحارب العدو و هو قد أتى إلينا؟)، كانوا قد علموني المثل القائل : عصفور باليد و لا عشرة ع الشجرة و اكتشفت، و أنا في عمر الحكمة أن المثل يجب أن نتعلمه على قاعدة : عصفور على الشجرة و لا عشرة باليد و كانوا علموني آنذاك  أن المرأة خطر، و أن العدو قد يرسل احداهن لتسرق  مني المعلومات؟ فيما بعد ٠٠ بعد سنوات طويله عشرة ٠٠ عشرين سنة ٠٠ انتبهت الى انني لم أكن أساساً أملك معلومات ذات قيمة، المهم انتبهت الى النساء و قيمتهم الجسدية ربما و ليس الانسانية لأن بناء جيلي كانوا يتحدّثون عن مغامراتهم، وأنا لم أكن سوى مستمع لذلك صمّمت أن أحب ولم أعرف كيف؟

المهم ان امراً حدث وجعلني اعتقد انني عاشق دون ان اخون نهاري و ليلي و من اكون و هكذا كبرت و انجبت و اصبحت أباً لعائلة ٠٠ و طبعا اكتشفت ان الامرأة كائن حي و انها اكثر من ام و اخت و زوجة وابنة ٠٠ انها قوة مشاركة في كل ما يصنع حياة الدولة و المجتمع و انه من الاخطاء المقصودة هو الحديث عن رغبتنا بالنوم مع المرأة بينما الواقع هو اننا يجب على الاقل ان نسهر مع المرأة.

الان وقد تأخرت كثيرا انتبهت الى عيد الحب، و اعياد الطفل، الشجرة، الاب، الام، الميلاد، رأس السنة على الشرقي و على الغربي،  الاضحى، الافطار، المولد  النبوي وجميع القديسين٠ 

الاهم في الامر ان هناك عيداً للحب، يقدمون فيه الورود لبعضهم و يسهرون و يقولون كلاماً جميلاً٠ طيب ماذا  يفعلون ببقية أيام  السنة؟ 

انا في هذا العمر كل يوم اكثر من  اي يوم أحب فلسطين اكثر لانها مخلوق نسائي جميل و لطيف ٠٠تُسجن ٠٠ ويَسرق المحتل خبزها من امامها، و كذلك ارضها و تُهدم دورها، ويحاولون اغتيال ذاكرتها و توطينها خارج جغرافية مكانها٠ 

انا كل يوم عندي عيد لحبّ فلسطين ،و بنت جبيل، واقدم لهما الورود، و لغتي و روحي اذا اقتضى الامر ٠

هل أخرّب معنى العيد بأنني أحبّ مكاناً ٠٠ فكرة أكثر من امرأة ٠٠ أكبر من دولة ؟ 

هل من الممكن لي  بمناسبة الفلنتاين أن أحبّ فلسطين و بنت جبيل ..؟

 

خاصّ -إلّا –

You may also like