Home أقلام إلّا رحل أحمد زويل لكنّ مشروعه باقٍ ومستمرّ ينقصه التوثيق الإعلامي بماذا خدم مصر..!

رحل أحمد زويل لكنّ مشروعه باقٍ ومستمرّ ينقصه التوثيق الإعلامي بماذا خدم مصر..!

by رئيس التحرير
ريم تركماني

د. ريم تركماني / باحثة ومحاضرة في الكلية الملكية البريطانية – لندن

لا تليق بالعالم “أحمد زويل ” تلك الجنازة العسكرية التي يحضّرون لها في القاهرة, بل يستحق جنازة علمية رفيعة تجمع أهل المعرفة ومن يدرك قدرها, جنازة تليق بمقامه السامي، فإنه لا “يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” خسارتنا به فادحة، ليس لأنه نال جائزة نوبل التي يستحقها, بل لأنه من العرب القلائل الذي يحملون مشروع علمي حضاري مبني على إدراك عميق لأهمية التقدم والبحث العلمي في بناء وتقدم الدول، وتحقيق مصلحة الإنسان.

العالم المصري أحمد زويل محاضراً بأهمية البحث العلمي

عصر العلم والبحث العلمي ليس بعصيٍّ على أهل منطقتنا, ولا مناص لنا بالمطلق من دخوله إذا كنا نسعى لبناء تلك الدولة الحديثة التي يتحدّث عنها سياسيينا وكتّابنا وكأنها موضوع إنشائي دون أي وعي لمقوّماتها الحقيقية في هذا العصر.

التقيتُ أحمد زويل أول مرة منذ ١٨ سنة في السويد عندما أتى ليلقي محاضرة في جامعة Chalmers University of Technology التي كنت أعد فيها الدكتوراه بالفيزياء النظرية, أخذته في جولة حول الحرم الجامعي وفي محاولة للتقرّب منه أخبرته حول أختي ديمة التي سماها والدي على اسم زوجته وابنة أصدقاء العائلة, لكنه كان أقرب بتواضعه من معظم العرب الذين التقيتُ بهم ولم يكن بحاجة لأية مقدمات.

أحمد زويل العالم المصري الشامخ بعروبته

ظل أحمد زويل بالنسبة لي مصدر إلهام، وتحديداً في مقاربته للسياسيات العلمية في العالم العربي ولحقل الديبلوماسية العلمية الناشئ. آخر مرة التقيته في قطر منذ عدة سنوات أهديته كتاباً لي عن تأثير العلوم العربية الإسلامية على الغرب في القرن السابع عشر، كان مقدراً لكل تلك الجهود, لكن عينه كانت كما يجب أن تكون, على المستقبل وعلى كيف يمكن أن ننهض بالعلم في منطقتنا مرة أخرى.

برأيي الشخصي فقد أخطأ زويل بأن يبدي دعماً لرئيس أتى بعد انقلاب عسكري, لكن قراءة دقيقة لما كتبه حول الأمر تبين أنه لم يكن يدعم أي من رؤساء مصر الثلاثة الذين عاصرهم وإن كان قد التقاهم جميعاً وإنما كان يدعم مصر والمشروع الذي بدء ينمو فيها والذي أعرب عن إدراكه أنه لن يتم الوصول إليه إلا بعد وقت طويل وبعد عدة تقلّبات.

أحمد زويل حكاية نجاح شيّقه تتوّجت بجائزة “نوبل “

ما كتبه زويل حول الطلب من الولايات المتحدة الأمريكية بعدم قطع دعمها لمصر بعد حكم السيسي كان هدفه بالتأكيد مصر نفسها وأثر العزلة التي قد تفرض عليها بعد الإنقلاب، رغم ذلك أعتقد أنه كان أجدر بالعالم أن يبقى أسمى من حاكم أتى بقوة العسكر, وأن لا يعطيه فرصة لأن ينظّم له بعد موته مهرجاناً جنائزياً عسكرياً – خصوصاً أن القمع لا يتلازم مع الحرية الفكرية التي يتطلبها العلم ليزدهر.

لمصر وشعبها أن يفتخروا بالقامة العالية أحمد زويل, ويبقى بهم الأمل بأن يستمرّ مشروعه ليكون منارة من مصر إلى العالم العربي.

قطعاً مشروع زويل أكبر وأبقى من كل الحكام العرب.

 

خاصّ – إلّا – 

You may also like