Home لـوثـة إلّاأدب علاقة نارية / الجزء الثاني

علاقة نارية / الجزء الثاني

by رئيس التحرير

 

ألفي

محمد حسن الألفي / كاتب وأديب مصري – القاهرة

كل الناس قلبي يعذبني…
داهمتني ، بل أذلّتني ، وعرّت أعماقي تعرية كاشفة رسالتها النصيّة، تتحدّاني بهواني وضعفي، إذ كتبت:

” خلّص نفسك واعتذر لي، عارفة إنك بتتقلي دلوقتي في زيت مغلي ” !

هي تعرف نقطة ضعفي، وموطن قتلي، وتدمير خطوط دفاعي الرملية عن كرامتي، تريدني مسحوبا إليها، عائداً، منكّس الأعلام، مستسلما كالعادة لكافة الشروط.

ستعايرني، وسوف تباكتني، ولسوف أندم أن قاومت، وسأدفع ثمن اعتدائها على مشاعري، وحجّتها الثابتة المروّعة هي أن تشكّكني فيما هي قالت وفيما أنا قلت، وفيما هي رأت وفيما أنا رأيت، حتى ندور بالساعات في جدال لاستخراج ماذا قلت وماذا رأيت !
أأعود إلى هذا الجحيم ؟!


اتّخذت قراري النهائي، الموت أهون من حبّها، لأن هذا النوع من الحب قهر وغصب وابتزاز، وهكذا رأيتني أردّ على رسالة الدعوة إلى الاستسلام بالرسالة التالية :
جلادتي العزيزة، أحبّ أن تعرفي أن  هذه آخر طلقة في  جيبي، أطلقها على تاريخنا الأسود معاً. أراك في الجحيم ”
وعلى الفور أغلقتُ  المحمول بأصابع مرتجفة، متمرّدة تقريباً، الملعونة، وسحبتُ نفساً بل أنفاساً عميقة، وشعرتُ بجناحين ينموان من تحت ذراعي وينفردان، ويرفعان جسدي إلى العُلى، فارتطمتْ رأسي بالسقف، وسقطّتُ دامي الجبين مخذولا، ورويداً رويداً بدأتُ أرصد بعمقي سرسوب شعور برغبة حارقة في فتح المحمول مرة أخرى !


كم أكرهني كم !
لم أكره أحداً في الدنيا منذ وعيتها، قدر مقتي وبغضي لنفسي في تلك اللحظة، وها هي أصابعي تمتدّ رغم أنفي، وتتمرّد وتفتح الجهاز، لتقفز في وجهي بعد ثوان رسالتها الداهمة التالية :
“كنت أعرف أنك ستغلق المحمول وكنت أعرف أنك ستفتحه، وكنت أعرف أنك ستحترق لتعرف ردّي، وكنت أعرف أنك سترتاح لأني ردّدت عليك، ارتحت ؟! أم تراك تهوى الزيت المغلي ..  فيه تتقلّب ؟!”


سأرد ، بكل قوتي سأرد ، ورأيتني أكتب :
” حينما قلت لجلادتي العزيزة اني أطلق النار على تاريخ أسود يجمعنا، ما قصدت إلا دفن علاقة أرهقتنا معاً، فأرجوك ساعديني على التخلّص منها، ولسوف أمدّ بدوري يد العون لكي تنزعينني من قلبك “.
ردّت فوراً :
أنت لست بقلبي  مغروساً مغروزا ً، بل أنت في  عينيّ النور وفي رئتيّ الهواء، وفي نفسي، الضحية التي أنحرها كل موسم لأتقرّب إليك، فلقد برهنت لي يا حياتي أنك  رهينتي المطيعة كلما أهملتك أو صدّدتك أو رفضتك ”

 


صفعة أخرى موجعة هوت على صفحة قلبي،

هي علاقة استعباد  من نوع يلامس العاطفة لكنها علاقة تَمَتُّ للرقيق بصلة جارفة !
أمامي الآن حلّان ولا ثالث لهما :
إما أن أردّ برسالة نارية لن تصيب، الا عزيمتي، مرتدّة إلى كرامتي، أو أن أذهب إليها طائعا، لنضع معا نهاية لائقة بامرأة تتلذّذ باستعباد حبيبها العاجز !
قررت الذهاب، والاستسلام،  ووضع النهاية المرسومة….
الأسبوع القادم أعود اليكم بجراحي أو بأصفادي .

 

**عمل روائي جديد للأديب محمد حسن الألفي تفخر مجلّة – إلّا – بنشره على حلقات أسبوعية متتالية مع الشكر الجزيل لثقة الأديب الجليل.. 

You may also like