Home أقلام إلّا حمّى الأسئلة والأجوبة المستعرضة
غغغغغغغ

غادا فؤاد السمّان / كاتبة وشاعرة سوريّة – بيروت

من يصنع العواصم..؟ 

ماذا تفعل العواصم بصانعيها..؟

هل يكفي أن ندخل معترك السؤال.. كي نلامس شواطىء الإجابة..؟

هل يترتّبُ علينا الخوض في لجّة الاستقراء النوعي الخادع، كي نفوز بالاستنتاج الكيفي الماكر..؟

هل يمكن أن نبلغ أرخبيل المحاولة عند حواف الدوّامة..؟

هل نرسو عند مباهج اللعنة السيزيفية وإن من باب الصدفة..؟

كثيرة هي الأسئلة، والأكثر حيرتها.. إذ كيف بوسعنا أن نتعرّف على عاصمة تلو الأخرى، أو عاصمة دون سواها؟ وخاصّة عندما تكون الفتنة سيدة المعالم، والأقنعة لغة العناوين..؟ فمن أين تُفَضُّ ذاكرتها؟ انتهاء من غلالة المساحيق..؟ أم اعتباراً من تضاريس الغبار..؟

كأنّي بها تستدرجني بشدّة لأسقط في مغبّة التساؤل العقيم، أراها كيف تستدرجني، كآخر الجناة، لأفعل ماقد تعاقب على فعله الفاعلون.. فتخرج منتشية من مخدع الرؤية ومخادعتها، كما كانت تدّعي الزهو كلّ مرّة، وهي المنكسرة كما لم تفصح عن انكسارها مرّات ومرارات..!

ربّما فعلاً هي أجمل العواصم.. وأعتقها، وأنا ثكلى الياسمين، أرملة النارنج، وقد فتح الطامحون سرداباً في دمي، ففرّ مني الحلم باكراً ورحلت..!

ما أكثر العواصم.. كما الغانيات، وذهني كما ذَكَرٌ يلهبه الإغراء، وهذه المترامية عند ذراعيّْ البحر بشبقٍ فادح تستبيح فيّ الخفر، فأيّنا يستدرج الآخر..؟ أهي المغناج التي تتلوى بين وشاحين من الأزرق، أم أنني الرسولة بشعري الطويل؟..

ما أكثر العواصم.. وما أوسع الفجور، عندما يتباغض أبناؤها بالثرثرة عن الله، وينهمك زنادقتها بتكريس الفضيلة، ويرتجل خزنتها تعديل الوصايا، ويستبسل قبضتها تقسيم الغنائم..!

ما أكثر العواصم.. وما أقبح حقيقتها التي لا يصعب انتشالها من البهارج التي صنعتها العقول المتفلّتة من قِيَمِها كالعجول بحجّة الحرية التي تقمعها عند أول شاخصة نتطلّع خلفها تلمّس الطريق..!

ما هي العواصم إذاً..؟

صياغة جديدة للمنافي..؟ مفردات حديثة للاغتراب..؟ عناوين فسيحة للضياع..؟

لمن تكون العواصم..؟

للأمس البعيد، لليوم، للغدّ، للصراخ، للصراع، للغنائم، للنفاق، للمرابين، للدجل، للسياسة، للسلطة، للأقنعة، للحياد، للترقّب، للمهازل، للأمل، للإحباط، للفشل، للمكائد، للتزاحم، للتناحر، للضجر….؟

أين هي العواصم..؟

والتضاريس تتمطّى وتتمدّد وتترنّح وتتمادى وتتقهقر بلا هوادة لترغم الخرائط أن تنكفء على خطوطها، أن تنقلب المعالم على بعضها البعض، أن تتشابك اللهجات، أن تتداخل القواميس، أن تستبدّ الطبائع..!

ماذا تبقّى من العواصم..؟

هوامش للتاريخ، بطانات مخفية للنوايا، فورة للمناسبات، مبررات للوجاهه، دويّ للأقدام المتلاهثة على الفرص، أرصفة للجنون، دكاكين للوسطاء، تجّار للمصير..؟!

من يبتكر العواصم..؟

المبدعون، العشّاق، الورثة، المناضلون، المتنازعون، الثوّار، الحالمون، المالكون، الفقراء، الأصلاء، الوافدون، الدخلاء، الصادقون، الرسل، الخطباء، النجباء، الأتقياء، الغادرون، من…….؟!

ماذا تقول العواصم..؟

إن طال لسانها أو بُتِرْ، الخير فيما اختاره الأحرار..؟ الشرّ فيما اختاره الأشرار..؟ الحل مع من حضر..؟ الضياع مع من غاب..؟

بماذا تحلم العواصم..؟

بالوداعة، بالعهر، بالطمأنينة، بالبزخ، بالتقاليد، بالأضواء، بالأقنعة، بالمتلونين، بالمزايدين، بالأشراف، بالأنذال، بالشعارات، بالمراوغين، بالعدل، بالتجاوزات، بالجنون، بالصرعات، بالعظام، بالفوقيين، بالإغنياء، بالمحظيين، بالأغبياء………..؟

من يكتب العواصم..؟

ومن يشطبها..؟!

 

– إلّا  –

 

 

You may also like

1 comment

رمضان شحاته 26/08/2016 - 10:07 مساءً

مقال غير نمطي وسرد مش عادي وان ارهقني قليلا كي استوعب
تحياتي غاده هانم
لكن حلم العواصم كم صادم
ظننت العواصم تحلم بالهدوء وسنا القمر وتراتيل درويش وبيت شعر واخيرا بالسكن

Comments are closed.