Home أقلام إلّا البيشمركة وداعش والحشد وما تيسّر

البيشمركة وداعش والحشد وما تيسّر

by رئيس التحرير

 

عبد الكريم الكيلاني

** عبد الكريم الكيلاني كاتب وشاعر

تحرير سنجار ( شنكال ) على يد قوات البيشمركة كانت القشّة التي قصمت ظهر البعير وأظهرت للعالم أجمع أن تنظيم داعش الارهابي الذي صنع لنفسه هالة مزيفة من القوّة ما هو إلا تنظيم متهريء قابل للقضاء عليه إذا ما وضعت خطط عسكرية محكمة من أجل إنهائه وتوفّرت ظروف سياسية تسامحية بين الأطراف الحكومية والحزبية والكتلوية لتجميع ما تبعثر من أواصر الوحدة في غفلة من التاريخ الحديث للدولة العراقية، فهذا التنظيم نشأ من رحم الخلافات والمهاترات وانسرب من الشقوق الكثيرة التي أحدثتها صراعات ساستها على السلطة والقوة، هذا التنظيم الذي جلب معه الموت والدمار لكل ما يمتّ للحياة بصلة، وأحدث نوعاً من الفوضى في المنطقة كانت نتيجتها تشريد آلاف مؤلفة من العوائل الهاربة من جحيم الموت إلى مختلف أصقاع الأرض بحثاً عن الأمن والسلام. أن تحرير قضاء سنجار ( شنكال ) على يد البيشمركة لم يرهب الدواعش فحسب بل امتدّ هذا الخوف ليصل ميليشيات وجدت حديثا في الساحة العراقية، هذه الميليشات الطائفية التي انتجتها معارك الاستنزاف بين تنظيم داعش والجيش العراقي هذا الجيش الذي لم يكن له حضور يذكر في ساحات الحرب، بل أظهر ضعفاً كبيراً في قوته القتالية وترك أبواب المدن ( الموصل وصلاح الدين والرمادي ) مفتوحة على مصراعيها ليدخل منها التنظيم دون عناءً يذكر وهذا الأمر معروف لدى الجميع، وحصل ما حصل، فانتبه البيشمركة إلى حجم الخطر المحدّق بهم ودرس الوضع الاجمالي لمختلف الأطراف المتصارعة ورأى أن هناك الكثير من الجهات تحاول بلع أقليم كوردستان، ووأد التجربة الناجحة التي أوصلت الأقليم إلى مصاف دول ذات سيادة تنعم بالسلام والرخاء والبناء، وبالرغم من كل المؤامرات المحدّقة به فقد استجمع تاريخه وقواه ودافع باستماتةٍ عن وجوده على طول الحدود الفاصلة بينه وبين الأضي المحتلة من قبل تنظيم داعش الإرهابي وشكّل تحالفات مع الدول الكبرى بما فيهم ( أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واستراليا وكندا) وغيرها من الدول المشاركة في التحالف الدولي الذي يحارب الإرهاب في المنطقة وبالرغم من قلّة إمكانياته في العتاد والأسلحة الحديثة المتوسطة والثقيلة إلا أنه استعاد مئات الكيلومترات التي كان قد احتلها تنظيم داعش وحرّر المئات من القرى والقصبات في كركوك وزمّار وسنجار وربيعة وغيرها، وأخيراً استطاع تحرير سنجار ( شنكال ) خلال مدّة وجيزة بعد أن جهّز وخطط وأعد العدّة وهيأ مستلزمات الانتصار جميعها، وضرب ضربته القاصمة التي جلبت النصر على طبق من ذهب وليس هذا فحسب فقبل أشهر كانت كوباني المدينة الكوردية الموجودة في سوريا، تحت رحمة داعش حتى قرّرت حكومة الأقليم إرسال قوّة نظاميّة من البيشمركة إليها لتساند وتشارك في عملية تحريرها وهناك أيضا كان النصر حليف البيشمركة الأبطال.

هنا شعر بعض الساسة العراقيين وبعض قادة الحشد الشعبي بتنامي قوّة البيشمركة شيئاً فشيئاً، ( للعلم فأن البيشمركة هي قوّة قتالية منظّمة معترف بها في الدستور العراقي ) وأصبح العالم أجمع يشيد بهذه القوّة في موقفها تجاه الحرب ضدّ الإرهاب وأصبحت القوى العالمية تعتمد عليها في المنطقة، فشعر بعضهم بضرورة محاربة البيشمركة وإضعاف قوّته خوفاً من مستقبل المنطقة وخوفاً من توفر الظروف الملائمة لإعلان استقلال كوردستان مستقبلاً، وهذا مايفسر الاشتباكات التي حصلت بين قوات من البيشمركة والحشد الشعبي في قضاء “طوزخورماتو”  في نفس يوم تحرير سنجار ( شنكال ) وهذه لها دلالات خطيرة وإشارات يجب الوقوف عندها كثيراً إذا ما قرأنا الأحداث وتأملناها واستنتجنا منها ماسيؤول إليه الأمر في المرحلة التي تعقب تحرير مناطق العراق المحتلة من قبل تنظيم داعش الإرهابي.

والسؤال الذي يفرض نفسه هل سنشهد صراعات ومواجهات بين قوات الاقليم والحشد الشعبي بعد عمليات التحرير؟

هذا ما لانتمناه فبكل الأحوال يجب أن نتعلّم كيف نتعايش مع بعضنا البعض، بدون إراقة المزيد من الدماء، وهذا ما يجب أن نفكّر فيه ونجد حلولاً سلمية له، ونستفيد من تجاربنا السابقة في هذا الشأن، فبالسلام وحده يحيا الإنسان وتعمّر الأوطان وتزدهر وتزهو.

** كردستان – العراق

         خاصّ – إلّا –

You may also like