Home أقلام إلّا رمضان ورسالة الاعلام العربي

رمضان ورسالة الاعلام العربي

by admin

 

Ahmed_al3qeli_small

أحمد العقيلي / العراق

 

   أقبل على أمة محمد صل الله عليه وآله وسلم شهر الله الكريم “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان” شهر أكد فيه فقهاء الأمة وعلمائها بمختلف مشاربهم واذواقهم ضمن جغرافية الفكر الإسلامي على أنه شهر تكون انفاسنا فيه تسبيح ونومنا عبادة، شهر تتفتح فيه أبواب السماء للمغفرة وقبول الأعمال ومحو السيئات، شهر تُغلّ فيه الشياطين وتوصد ابواب جهنم، وهو شهر الثورة الروحية وقد دعينا فيه لمائدة الله تبارك اسمه “أيّ” للتدبر في كتابه الكريم . وقد كان نبي الرحمه حينما يأتي الشهر الفضيل يقوم بإرسال الوفود إلى القرى المجاورة للتبليغ نيابة عنه بقدوم شهر الطاعة. مستخدما هذه الطريقة في إيصال الخبر لاتباعه وهي إحدى وسائل الاعلام المتاحة آنذاك، ومع تطور الزمن وما وصلت إليه النهضة العلمية من تقدم وتطوّر في مختلف الأصعدة تطوّرت وسائل الاعلام بما يتناسب وما وصل إليه العقل البشري.

    وذات الحال ينطبق على اعلامنا العربي حيث عشرات الفضائيات ومحطات الراديو ومئات المواقع الالكترونية إن لم تكن الالاف ومئات الاصدارات اليومية والاسبوعية والشهرية من صحف ومجلات رسمية وغير رسمية كلها تتحدث عن العروبة والوطنية والإسلام .. وهنا السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد “بما اننا نفتخر على ان محمد من جلدتنا ونتفاخر على سائر الإمم بأن خير امة اخرجت للناس نحن لاغيرنا فبماذا استعد إعلامنا لشهر الرحمة والمغفرة وكيف سيطرح مضمون الشهر الفضيل للرأي العام العربي وهل سيكون طرحه يتوافق مع ماجاء في النصوص القرآنية والسيرة النبوية ام مع ماجاء في القوانين الوضعية ومصادر التمويل العالمية .؟؟

    سؤال ليس بالعصي في جوابه ولا بالمستحيل فبإمكان اي مواطن يقبع في ارجاء المعمورة ان يجيب عليه وبإمكانك عزيزي القارئ الاجابة فيما لو جلست ساعة واحدة امام شاشة التلفاز اذ يكون الجواب كم هائل من المسلسلات الموزعة على فضائيات متنوعة بين المشاكل الاسرية والخيانة الزوجية والتطرف وسوء التربية ناهيك عمّا تمّ استيرادة من مسلسلات تركية وهندية ليكون لُقاح الثقافات حلقة مترابط لتمهيد العقل العربي بمفهوم مٌستجد أطلق عليه “جهاد النكاح ” يستدرج القاصرات والمحدودات والمنحرفات نفسيا، بالاضافة الى برامج كوميدية وتاريخية ودينية غالبا ماتكون ضعيفة وساذجة وهزيلة وهزلية ولا أدري بقصد أم بدونه وهكذا لمدة ثلاثين يوما تنقطع فيها عن الشاشة العربية التي لا تملك سوى الترويج لانتاج متراكم لا غاية ولا هدف يُرتجى منه سوى الإعلان ثم الإعلان ثم الإعلان وكأنه الموسم المنتظر لتنشيط السوق وتمرير السلع البائتة. وكأنّ هذا هو المطلوب من شهر رمضان أن يتحوّل إلى سوق مفتوحة على العرض والطلب والاستهلاك الكثيف!!؟؟.

    وهكذا أصبح صنّاع الشاشة الفضية والفن السابع بوعي أو بدون أدوات بيد الامبريالية العالمية ، يقتل بها أبناء الأمة بصمت فالجميع مشغول بمتابعة نجمه المفضل ومخيلة كاتب محنك ومخرج يتلاعب ويتحايل على عواطف جمهور عاطفي بالأساس، وهكذا تنتهك الاعراض بحذاقة عالية اذ كان الاعلام العربي ولازال يستغفل الرأي العام العربي ويضلّله، وأحيانا كثيرة يوقع به في القضايا التي تُهدد مستقبله ومصيره ووحدته وعقيدته ويسهم إلى حدٍّ كبير في فتّ عضد الأمة وزرع الخلافات بين أبنائها وأخطرها الخلافات الطائفية.

    فهل سنصغي بعد كل ما تقدّم إلى هكذا إعلام، بعيداً عن المعاني الروحية السامية لشهر رمضان، بعيداً عن الرسالة الحقيقيّة والقيم الإنسانية التي يهدف إليها رمضان، والإعلام ما انفك يحاول تحريف قيم ومضامين شهر الرحمة والمودّة والأخلاق ؟؟.

    وهنا لا بدّ بل لزاما على أحرار الامة ومثقفيها والعلماء المخلصين، تقع المسؤولية التاريخية الكبرى في استشعار روح الاسلام بعيداً عن التحيّز والتزمّت والتحريف والعودة إلى ضمير الأمة وتنبيهها من خطر الانجرار لما أعدته ماكينة الغزو الثقافي العالمية عبر بوابة الاعلام العربي. ولأن الكثير أصبح على يقين من أهداف الحكام والمتحكمين الذين يسخرون أدواتهم عبر الإعلام لتنفيذ مخططاتهم  المغرضة وأهدافهم الدنيئة للقضاء على تاريخ الأمة العربية وحضارتها السامية ومعتقدها الأخلاقي المتمثل بالإسلام الذين يعملون جاهدين لتشويهه بشتى الصور والفرق والوسائل.

 

  • خاصّ إلّا / أحمد العقيلي كاتب عراقي

You may also like

1 comment

حسين البزوني 13/07/2015 - 3:25 صباحًا

وفقك الله وأحسنت استاذنا المبدع الحاج احمد العقيلي ادامك الله فخراً لنا ً.. كل التوفيق لك وللمجلة (إلا) ..

Comments are closed.