×

دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ

دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ

561809_170 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
عصــام الغــــازي
شاعر وكاتب وصحافي/ جمهورية مصر العربية

جاء الملياردير المصري نجيب ساويرس بالخبر اليقين، حين عرض على إيطاليا واليونان شراء جزيرة في البحر المتوسط تكون وطنا بديلا للمهاجرين السوريين!.

ساويرس يريد تأسيس وطن جديد يختار شعبه ورايته ونشيده الوطني، وتنسيقه الحضاري في مدنه وقراه، وطن له ثقافته الجديدة وفنونه وربما دينه الجديد، وطن مواز لأوطان “داعش” الافتراضية التي تخفي وراء الترويع في القتل وتدمير الحضارة إبهاراً،

jpg12-300x200 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
الملياردير المصري نجيب ساويرس

وطن لا يختلف عن إبهار المهاجرين القدامى إلى القارة الأمريكية الذين جلبوا العبيد السود معهم لتأسيس وطن جديد في العالم الجديد على أشلاء الهنود الحمر .

jpg13-300x201 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
الهنود الحمر حضارة أبيْدَت وشعب ذبيح                        أقيمتْ على أنقاضهِ الولايات المتّحدة

وطن بلا تاريخ، فما حاجته للتاريخ والتراث الإنساني الذي تهدمه “داعش” وفقا للخطة الأمريكية الموضوعة لها باقتلاع التراث وسحقه وتدميره، وابتكار أكثر صور الموت وحشية ( ونسبها إلى الدين الإسلامي الذي أعلنته الولايات المتحدة عدوا أساسيا بعد انهيار الشيوعية) وذلك لاقتلاع البشر من جذورهم، وتأسيس أوطان بلا تاريخ كالقارة المفقودة، لا تجد من يطالب بحقوقه المشروعة فيها، كما يطالب الفلسطينيون، فحين يتم تفريغ سوريا من سكانها بإبادة شعب بأكمله إما على أيدي الدواعش أو غرقا تحت أمواج البحر العاتية، أو حرقا بنيران القنابل “الصديقة”، تكون هناك أرض بلا شعب يدافع عنها أو يطالب بحقه فيها، حينها يمكن لإسرائيل أن تتمطع وتطالب بضمّها إليها “بحق الشفعة”، أو تدخل القوات التركية لملء الفراغ وانتزاع حق الدولة العثمانية المغتصب في الشام والعراق، مكافأة لدور أردوغان العميل في تدريب “داعش” وفتح حدوده لها كي تنقض على العراق لتكتمل الهيمنة والسلطنة العثمانية الجديدة.

enqazsyria.com_300_01-300x248 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
تحقيق الحرية والعدالة الإنسانية بسكين داعشي        مدرّب جيداً في معسكرات أميركية متصهينة

استفادت الولايات المتحدة من التجارب التاريخية جيداً، فالذين وضعوا استراتيجية “الفوضى الخلاقة” والجيل الرابع من الحروب، كانوا يريدون إعادة ترسيم حدود ” سايكس – بيكو” بطريقة جديدة، استعارت من هتلر تجرّده من الحسّ الإنساني والقيم العليا، واستفادت من القوى الناعمة التي أفرزتها الحضارة والتكنولوجيا، كالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في الحرب النفسية وبثّ الشائعات التي تهدم الروح المعنوية للشعوب، وبذر الخلافات العقائدية والدينية والعشائرية وخلقَ مناخٍ مُؤاتٍ للحروبِ الأهليةِ والصراعات المسلّحة لإسقاط الدول، وتجزئتها كما حدث في الصومال و العراق وليبيا واليمن، وكاد أن يحدث في مصر في عام حكم الإخوان لها، أما سوريا فكان الهدف زوالها كدولة وجيش وشعب وتراث حضاري، ليتسنّى لإسرائيل وراثة تلك الأرض بموقعها الاستراتيجي  وخيراتها وبترولها المختزن تحت مياهها الإقليمية وغازها.

jpg14-300x184 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
عدنان مندريس رئيس الوزراء التركي أعدم باسم العلمانية بعدما قام بأداء فريضة الحج.

لم تلتزم الولايات المتحدة بالنص الحرفي لتجربة حلف بغداد ودور الزعيم التركي “المتديّن” عدنان مندريس الذي ناصب الزعيم المصري جمال عبد الناصر العداء،

jpg15-300x225 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
نوري السعيد رجل المواقف والدولة العراقية في الخمسينات

فانتهى الحال إلى سقوط حلف بغداد وإعدام زعمائه نوري السعيد في العراق وعدنان مندريس في تركيا، وقيام دولة الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 التي لو استمرت لغيرت الخريطة السياسية والاقتصادية للمنطقة كلها، حيث كان عبد الناصر يطالب تركيا بعودة لواء الإسكندرونة المغتصب من سوريا، وكان المد الثوري قد أطاح بالحكام الخونة في العراق ، وكانت نيران الثورة تمتد ضد الإمبريالية الغربية في المنطقة كلها، وكان تسوّس نظام الحكم، في الاتّحاد السوفييتي سبباً في انهيار وتفكّك دولته والكتلة الاشتراكية كلها، وهزيمة تيار الثورة في العالم العربي، وبزوغ مرحلة جديدة من التبعيّة للولايات المتّحدة والغرب، انتهت بتدمير إنجازات الثورة المصرية، وثورات المنطقة التي تكالبت عليها قوى البغي والعدوان، فكان الاحتلال الأمريكي للعراق بداية لتطبيق استراتيجية “الفوضى الخلاقة” وتفتيت العراق، ثم كانت مرحلة ما سمي بـ “الربيع العربي”، التي اتّخذت من الجمعيات الأهلية المموّلة من الخارج والعملاء الذين أطلقت عليهم الولايات المتّحدة اسم ” النشطاء السياسيين” حصان طروادة في اقتحام الدول الرئيسة في المنطقة لإسقاطها.

1-300x220 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
سيف الإسلام القذافي نجل الراحل معمّر القذافي

لم ينفع القذافي تسليم ابنه سيف الإسلام معامله النووية تسليم مفتاح للولايات المتحدة، ولم يشفع له ذلك في الخروج الآمن مع بقاء الجيش والدولة الليبية سالمين وتم قتله وتدمير الدولة الليبية، ولم يشفع لحسني مبارك تعاونه المخلص مع إسرائيل في إنهاء حالة الحرب وتصدير الغاز الذي تحتاجه بأسعار متدنّية، وانتهى به الأمر إلى المحاكمة والسجن، لكن الله حمى مصر من السقوط بفضل شجاعة جيشها وإخلاص قياداته التي انتهى بها الأمر إلى ثورة 30 يونيو التي أفْشَلتْ المخطّط الأمريكي، رغم استمرار استهدافها بموجات الجيل الرابع من الحروب ووخزاتها الإرهابية.

3655806653-300x171 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
إحدى المدن السورية المدمّرة دماراً ممنهجاً

أما سوريا فتظلّ هي المفتاح الحقيقي للأمن القومي العربي، حتى وإن حوّلت المؤامرة الأمريكية المُدن السورية إلى أطلال، حيث أطلقت الإرهابيين من تنظيم “داعش” الذي تتكوّن من مرتزقة شركة “بلاك ووتر ” الذين حاربوا في العراق، إضافة إلى عشرات الآلاف من الشباب الأوروبي الذي يعاني البطالة وبعض العملاء من “شواذ العرب ” الذين انخرطوا في تجمّعات إرهابية تدعي انتماءها للإسلام والإسلام منها براء، تغلغلوا في القرى الحدودية المتاخمة لتركيا بدعم لوجستي من أردوغان  يروعون البسطاء العزل من سكان القرى الحدودية بالذبح وانتهاك الأعراض، ثم بدأوا يتوغلون إلى بعض المدن لإجبار سكانها على الهجرة والفرار عبر البحر المتوسط إلى أوروبا هربا من الموت الذي يحاصرهم ، فيغرق المئات منهم تحت الأمواج العاتية، وصارت أخبار غرقهم في الإعلام شيئا إعتياديا، لولا جثة الطفل “إيلان” السوري التي لفظتها الأمواج على الشاطيء التركي، والتي حركت الضمير الإنساني في دول العالم أجمع ،

7 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
مدينة الإسلام المحرّمة على المسلمين السوريين

ودفعت المستشارة الألمانية “ميركل” إلى مسرحية البكاء على المهاجرين السوريين “الذين تدفقوا إلى حدود ألمانيا ولم يتدفقوا على مكة القريبة منهم”، وأعلنت إرسال سفنها إلى الشاطيء التركي لنقل من يرغبون في الهجرة إلى ألماني بسلام ، وقد لعبت أدوات الجيل الرابع من الحروب دورها في خدمة  تحقيق أهداف من يخططون لتفريغ سوريا من شعبها دون أن يدينهم الرأي العام العالمي، كما حدث عند قيام الدولة اليهودية.

هذا التدفق للاجئين السوريين فزعاً من الموت على أيدي الدواعش وسطَ صمتٍ عربي مخجل، لا يعني تخلّي الشعب السوري البطل عن الدفاع عن دولته وأرضه، السوريون النشامى كانوا طليعة النضال العربي في كل معاركه ضدّ الغزاة، وهم يعرفون معنى الوطن والمجتمع القائم على العزّة والكرامة الذي جسدوه فنّاً على الشاشة في

images-12 دمشق لن تَسقُطَ راية الوحدة والحرية والعدل الاجتماعيّ
الفنان الراحل خالد تاجا                  والفنان أيمن زيدان

مسلسلات “باب الحارة وأخوةُ التراب وغيرها”، هذا الشعب لا ينتظر من الآخرين أن يحاربوا معركته لحماية دولته الخالدة، إنما هو يصنع بطولاته بدماء أبنائه في أرض المعركة على تراب وطنه. وهو لا ينتظر من  القاعدة الروسية في طرطوس إلا دعماً بالسلاح والذخيرة في مواجهة أعدائه الذين تفتح لهم أمريكا مخازن أسلحتها بلا حدود.

سوريا العزّة والكرامة لن تركع أمام أعدائها، ولن تكسرها جثامين الغرقى من أطفالها في البحر المتوسط، لأنّ العار سوف يلاحق مجرمي الحرب من حكام الولايات المتحدة وتركيا والمتعاونين معهم على قتل أطفال سوريا.

ولن يقبل السوري المغوار لوطنه بديلا في “جزيرة ساويرس”، لأن وطنا بهذه المواصفات سوف يبتلعه البحر كما ابتلع المحيط القارّة المفقودة، وسيبقى السوريون في عيون العالم  هم النشامى رغم أنف الأوباش، زمن أوباما وأردوغان وداعش.

خاصّ مجلّة – إلّا – الألكترونية

 

 

Share this content:

مجلّة - إلّا - الألكترونية/ مجلة هادفة ذات مستوى ومحتوى سواء بما يساهم به أقلام الكتاب العرب المعروفه والمنتشرة بأهم المنابر العربية، أو بما يتمّ اختياره أحياناً من الصحف الزميلة بتدقيق وعناية فائقة، وحرصاً من مجلّة - إلّا - بإسهام المزيد من الأقلام الواعدة يُرجى مراسلتها على البريد الألكتروني / ghada2samman@gmail.com

You May Have Missed