بـلبـل الاذاعــة
كان روتين الراديو أن يسبق بثه الإذاعي في الساعة السادسة صباحاً بسماع صوت تغريد بلبل الإذاعة لمدة خمس دقائق، ثم بتلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم 📖 ثم تبدأ البرامج الاذاعية الأخرى ..
و قد كان صوت البلبل يستهوي الناس , و يبعث في نفوسهم الامل و التفاؤل في بداية يوم جديد مشرق و الكثير كان يظن انه صوت بلبل حقيقي ..
بلبل الاذاعة هو تمثال و تحفة فنية صنعت منها نسختان و قدمت احداهما هدية من قبل الزعيم الألماني Germany 🇩🇪 أدولف هتلر الى الملك غازي سنة 1936 بمناسبة افتتاح إذاعة قصر الزهور .. و يوجد على التمثال رقم متسلسل ( سيريال نمبر ) يؤكد اصالة هذه التحفة .. وقد قام الملك غازي باهداء هذا التمثال إلى الاذاعة العراقية بمناسبة افتتاحها في تموز 1936.
آلية تشغيل هذا التمثال ميكانيكية وهي عبارة عن منفاخ يدوي مع عتلة تدار باليد تقوم باصدار هذا الصوت..حيث كان يتم تشغيل صوت هذا البلبل لمدة خمس دقائق يوميا قبل افتتاح البث لضبط و قياس اعلى وادنى ذبذبة للموجات الصوتية لغرض تثبيت المستوى الصوتي للمرسلة الاذاعية..
من الطرائف التي يرويها المذيع (ابراهيم الزبيدي ) في كتابه (دولة الاذاعة.. سيرة ومشاهدات عراقية ) ان المدير لم يكن يعرف هذه التفاصيل , وكان يعتقد بان الصوت هو لبلبل حقيقي مدرب على التغريد قبل افتتاح الاذاعة واستغل الفنيون سذاجة هذا المدير وكانوا يطلبون منه (ربع دينار ) يوميا من النثرية كنفقات اكل للبلبل الذي يفتتح الاذاعة , لان الميزانية لا تتضمن بندا باسم (اكل البلبل), وكان مبلغا كبيرا في اوائل الاربعينيات , واستمرت الحال هذه الى ان زار نوري السعيد رئيس الوزراء انذاك , الاذاعة ذات يوم , واستفسر عن المخصصات الاضافية التي خصصتها الحكومة لتطوير الاذاعة .. فاجابه انها نفذت لأن المسؤولين في وزارة المالية نسوا ان يضعوا بندا باسم (مخصصات اكل البلبل ) وشرح له الحكاية , فضحك نوري السعيد , وقال له :ان (الملاعين) خدعوك , واعفاه من المهمة ..
سنة 2003 تم سرقة هذه التحفة من دار الاذاعة العراقية و تم تهريبها الى الاردن دون ان يدرك السراق وتجار الانتيكات في الأردن اهميتها وقيمتها التاريخية فلاحقها احد العاملين في الاذاعة وهو الاستاذ خطاب عمر الى الاردن واستطاع شراءها دون ان يدرك تاجر الأنتيكات مدى اهمية هذه التحفة، وقد تمت إعادتها الى العراق وصيانتها وطلاؤها بالذهب ..
وهذه التحفة حاليا من اهم المقتنيات التي يضمها متحف الاعلام العراقي..
بقلم جمال عابد فتاح
Share this content: