العودة السورية.. تحرير للقرار العربي
عودة سوريا .. تحر ير للقرار العربى
هذا اسبوع الحوارات .على مستوى الاقليم وعلي مستوى الدولة ، فهناك حوار
عربى عربي تقرر بعده عودة الشقيقة التوأم سوريا ، وهناك حوار مصري مصرى، حوار داخلى على مساحات التوافق بين معارضين شاركوا في احداث يناير ٢٠١١، وبين اطر ومفاهيم الدولة المصرية التى تاسست وترسخت بعد ثورة الثلاثين من يونيو وتتهيأ لاعلان الجمهورية الجديدة .
وبينما يستمر حوار الداخل المصرى لارساء قواعد الاستقرار واغلاق ملفات يمكن للمتربصين استغلالها ، اغلق العرب امس ، في يوم مشهود ملف اعادة الدولة السوزية إلى مقعدها فى الجامعة العربية ، بعد تصويت توافقي لثلاثة عشر وزير خارجية عربي هم وحدهم من حضر من اصل ٢٢ دولة عربية . بذلك القرار الذي اثلج صدور المصريين والعرب ، يحق لسوريا حضور كافة فعاليات الجامعة والمشاركة في القرار العربى داخل اروقة هذه المنظمة الاقليمية شبه الفاعلة شبه العاجزة. ولسوف يحضر رئيس سوريا بشار الاسد اعمال القمة العربية الوشيكة في الرياض ، وظهوره في القمة انتصار لدمشق على من طاردوه ١٢بهتافات الطرد والملاحقة ووجوب التنحى والمحاكمة ، واعتبار جيش سوريا الوطنى مجرد كتائب تنسب للاسد !
لكن ذلك صار من الماضى، وبدات المنطقة تستشعر الخطر الداهم المحدق ، كما استشعرت محاولات توريطها في حروب مع ايران بالنيابة عن اسرائيل .
عودة سوريا قامت على اساس خطوة من العرب وخطوة من دمشق ، فالعرب اتخذوا خطوة اعادة المقعد السورى ، وعلى دمشق التعامل مع ملفات تؤرق الخليج بصفة خاصة واهمها تهريب المخدرات ، وبقية الملفات تتعلق باعادة اللاجئين من لبنان والاردن. وتركيا وتطمينهم ، واستئناف أعمال اللجنة الدستورية ، لاحلال السلام واشراك المعارضة . التناقض الصارخ انها معارضة مسلحة ، تنازع الدولة السورية شرعيتها ، وهو ما يناقض ايضا قرارات الجامعة ، بالحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية ، فضلا عن أن الاعتراف بالمعارضة المسلحة المناهضة للجيش الوطني يخلق حالة اشبه بالوضع الليبي السوداني اللبناني ! فيكون جيش وطني ، وجيش ميليشات مواز له !
لن يترتب على استعادة سوريا للحضن العربى استعادة العلاقات الدبلوماسية تلقائيا ، فذاك قرار سيادي يخص كل دولة على حدة ، ونعتقد ان هذا الشرط لارضاء الرفض القطرى اثناء المداولات .
والحق أن التصويت بالتوافق على عودة سوريا بشار الاسد ليس مجرد اعادة عضو عربى الى الجسد العربى اقتطع منه لاثنى عشر عاما بمشرط أمريكي مسموم ، بل هو اعلان بتحرر القرار العربى من ضغوط واشنطن ولندن ، فهاتان العاصمتان ضد هذه العودة وتتاجران بملف حقوق الانسان واللاجئين، وكشفت الخارجية الامريكية عن رفضها لعودة سوريا للجامعة العربية واعتبرت عودتها في غير وقتها وانه كان يجب تأجيل هذا القرار ، وحفظا لماء الوجه قالت واشنطن انها تتفهم الموقف العربي !
تتفهم او لا تتفهم ،فإن هذا القرار ، وماسبقته من قرارات تتخذها دول الخليج ، في مجال التقارب الايراني السعودي واستعادة الحوار بديلا للتخندق مع اسرائيل ، وفي مجال النفط والتحكم في كمياته واسعاره ، والانفتاح علي بكين وموسكو ، كلها رسائل ترسخ ما وقر في الذهنية الاقليمية ، وفي القلب منها الذهنية العربية من ان العالم لم يعد امريكا وحدها ، بل تعددت القوى الفاعلة والموثرة، وان سياسة الاستقطاب صارت من مخلفات الماضى …
ومع شئ من التأمل سنرى أن دماء أكثر من خمسين ألف شهيد سورى وتركي ، ضحايا زلزال فبراير اللعين ، كانت بمثابة قربان التقارب والتصالح وفتح الابواب والقلوب .. فهنالك وسط الخراب وركام البيوت وأشلاء الضحايا ، توافق الاتراك والمصريون والعرب والسوريون ، وانفتحت ايران على الرياض من بغداد الى بكين ، الى الرياض وطهران …
إن استعادة سوريا قرار يسعد كل عربى ، وعلى دمشق ان تعالج ملفاتها الشائكة ، لاظهار صورتها الحقيقية، ليتقبلها العالم قوة عربية فاعلة في محيطها ، تعمل على الاستقرار ، وتناهض الارهاب وعصابات المخدرات …
ويبقى السؤال : هل ستكتفى امريكا بابداء الامتعاض وقبول القرار العربى على مضض ، ام ستتخذ خطوات لارباك المشهد وتعطيل الدبوماسية العربية ليستمر تواجدها لسرقة النفط السوري
… نتابع ونرى
المصدر.. / فيتو
Share this content: