الوطن أولاً

by رئيس التحرير
نضال شهاب / كاتبة وإعلامية لبنانية – بيروت

يظن البعض أنه بإنتهاء ولاية رئاسة الجمهورية للعماد ميشال عون وخروجه من القصر الجمهوري، ستُزال الغمة عن الأمة، ونعيش في العصر اللأزوردي ويصبح لبنان سنغافورة ولربما أفضل،سيعود سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية الى ما كان عليه في تسعينيات القرن المنصرم، سننعم بالكهرباء وشبكات البنى التحتية والفوقية السوية و….
لنعترف أولاً أن العهد قد أخفق في أمورٍ عدة وأنه في الفترة التي تولى فيها الرئيس عون سدة الرئاسة إنهار الإقتصاد وأصيبت المؤسسات الرسمية بشللٍ جزئي…والسبحة كرت والإرهاصات تعددت وتنوعت،ولكن لا يجب أن نلقي اللوم على العهد فقط، فالحكومات المتعاقبة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية واللوم، فقد إرتكبت أخطاءً كانت تعرف مسبقاً مدى خطورتها ولم تكترث سوى لمصالح أحزابها وتياراتها وطوائفها…ووضعت مصلحة لبنان جانباً وداست على رؤوس المواطنين حتى جعلتهم كالمتسولين يقفون على أبواب السفارات، كي تتحسن عليهم بعض الدول بتأشيرة عمل مهما كان نوعها أو أجرها،وذلك بعد أن كانوا رمزاً لعزة النفس ومثالاً يُحتذى به بين أبناء الدول والبلدان الذين لطالما حلموا أن تكون بلدانهم وشعبهم كلبنان وشعبه.
يا من تبحثون عن إسم الرئيس وشكله إبحثوا عن من يشبه لبنان الذي نُحب ونرضى، إبحثوا عن لبنان الوطن النهائي لجميع ابنائه، إبحثوا عن أنفسكم فيه، عززوا بكم روح المواطنة، وليكن ولاؤكم له لا لزعيكم ومن يوالي.
إعملوا كي تكونوا مدماك الأمل بتضافركم،بمحبتكم لبعضكم البعض، بخلعكم لثوب الطائفية والإنتماءات الحزبية،إبحثوا عن لبنانكم في المدارس التي تبني الأوطان،إدعموا التربية والتعليم أوليس “بالتربية نبني” ؟
إبحثوا عن لبنان بتعزيز الإستثمار فيه وإيجاد فرص العمل والعودة الى الزراعة والصناعة والى لبنان بلد السياحة والخدمات…
حفّزوا المغترب كي يعود الى الوطن يساند أهله، يقف بجانهم ، إستثمروا بالأنسان فهو الإسثمار الناجح إستثمروا بأنسنة الإنسان في لبنان، إستثمروا بأصحاب الضمير،بمن يطبقون المواطنة بمفهومها الحقيقي المفهوم الرسالي لا الخطابي أو الإنشائي…
لا توظفوا إنحيازاتكم لأفكاركم السياسية غير الوطنية، ويرى كل منكم أن زعيمه هو الفاتح والمنقذ.
إنتخبوا من يعرف كيف يخلص لبنان من أزماته ومديونيته وإنهيار عملته… إنتخبوا من لم ينسَ حقوق ضحايا تفجير المرفأ وذويهم ولا حقوق ضحايا لقمة العيش الذين لا زالت جثامين معظمهم في قعر البحر…من سيحارب البطالة والهجرة والفقر والجوع، إنتخبوا من يحميكم…
الجميع يتحدث عن الرئيس العتيد وأوصافه، وقلة قليلة ممن سينتخبون الرئيس العتيد يُعوّل عليهم في عملية الإنتقاء، ولهؤلاء نقول قبل أن نتتخبوا الرئيس، عليكم أن تتنبهوا الى أن السياق سيكون مختلفاً، وأنكم ملزمون أمام الرأي العام بتبرير التكليف لأي شخص، وأن إختياركم لرئيس جديد لا يحمل رؤية واضحة وبرنامجاً موضوعي مبوب الألولويات والأهداف يُخرج لبنان من أزماته سيكون أمراً مكلفاً جداً، لأن الكيل قد طفح والشعب لن يرحمكم أبداً.
وللرئيس العتيد نقول: عليك أن تستعد وتخبر الشعب عما لديك تجاه الوطن، كي لا نعتبرك كالعريس الذي جيء به فجأة الى زفافه فلم يقرأ دفتر النقوط ولا ديونه لاحقة التسديد ولا حتى يعرف عروسه.

You may also like