Home دعسـة إلّاافتتاحيــة أوراق غادا السمان المنسيّة في قبضةِ صوت العرب

أوراق غادا السمان المنسيّة في قبضةِ صوت العرب

by رئيس التحرير

عاطف سليمان / كاتب وإذاعي مصري – القاهرة

عاطف سليمان اسم لامع في الإعلام المصري بين مقروء ومسموع، له باع طويل في فضاءات الإعلام الرحيبة، وهو صاحب الخبرة الطويلة، والروح النزيهة، والحبر النظيف، والحرف المنصف، التقيته في مهرجان الأغنية والصورة في تونس الحبيب في العام 2004، وكنت أحد المؤسسين إلى جانب كبار الفنانين العرب بمقدمهم نقيب الفنانين الراحل “يوسف شعبان” رحمه الله، والفنان “خالد زكي” أطال الله عمره، وصاحب المهرجان والتظاهرة المخرج والفنان التونسي الجاد “أسعد الغايب”، والمخرجة السورية المميزة سهير سرميني، والفنان حسن مصطفى رحمه الله وغيرهم، وكان لي مداخلة طويلة في يوم الافتتاح، موضوعها صناعة الفيديو كليب وكيف صادر مخيلة المتلقّي، وعمل على تشويه الذائقة بكل الشوائب المشهدية المسفّة…. إلخ/ ومن ضمن الحضور الإعلامي الكثيف في حينه الذي واكب الحدث بكامل التفاصيل، كان قلم الحصيف عاطف سليمان الذي أنصف وأشاد ونوّه بمداخلتي وتَمَيّزَ ما جاء فيها في جريدة “الأخبار” الغراء على ما أذكر، ولم يجمعني لقاء آخر بالاعلامي الراقي النبيل عاطف سليمان بحكم غيابي عن القاهرة الحبيبة منذ آخر زيارة كانت في ال 2005 / إلى أن جمعتني صفحات “الفيسبوك بالصديق العزيز الذي لا أذكر منه إلا كل رقي ونبل وإكبار، تابعني لفترة لابأس بها بكل ما أنشر، وكان باستمرار يترك بصماته النبيلة، إلى ان تلقيت منه دعوة عزيزة وغالية بكل كرم أخلاق وروح ومهنيّة عالية حتى أحلّ ضيفة على أثير إذاعة صوت العرب من القاهرة، عبر برنامجه الأسبوعي” أوراق منسية “، وزودني بباقة من أميز الأسماء العربية، وكانت الصدفة أن بدأت الإصغاء إلى حلقة الكبير فنا وفصاحة وأخلاقا “لطفي بشناق”، عندما استمعت إليه متحدّثاً أذهلني وسحرني وأربكني وكبّلني، فأنى لي هذا الصوت الرخيم لأتحدث به إلى المستمع المصري الحبيب، وأنّى لي هذه الذاكرة الذهبيّة المكتظّة بالبريق، وأنّى لي هذه اللهجة التونسيّة المحبّبة للجميع، وأنّى لي تلك الطلاقة في التعبير عن ذاتي ومكنوناتي، وانا امرأة استسلمت للنسيان، وأقرّت أنها تعيش بذاكرةٍ خاويةٍ مثقوبةٍ غربالية، لم يصمد فيها أيّ ماضٍ أو أي راهن، فآثرتُ التهرّب، على أن تكون مشاركتي مجرّد عدد إضافي لبرنامج نوعي بامتياز، يستقطب الشواهق، ويؤسس بأوراقهم المنسية لصرح باسقٍ للماضي، يعتبر الأول من نوعه في المجال الإعلامي..

كل هذه المحاكاة كانت تتنامى في رأسي مع كل اتصال لهوف، وودود، ونبيل، وكريم، وسامي، كان يذكّرني ويحضّني به للبدء في تسجيل الفقرات، لإعداد الحلقة الإذاعية، ومع كل اتصال كانت مخاوفي تكبر، وأعذاري تتراكم، لكنّ المدهش والأكثر نبلا لدى الإعلامي الكبير الصدوق عاطف سليمان.. أنه لم يسأم ولم يملّ، بل كان يزداد إلحاحاً وهو يشعر بمخاوفي وبمبرراتي المتكررة، كان متفائلا بمشاركتي أكثر مما يسعني ان أخصّ نفسي بأيّ تفاؤل أتمناه، وكان واثقاً من أهمية ذاكرتي رغم كل ما ظننته ممحيّاً وباهتاً ومنسيّا.. وبعد عدة محاولات قررت الاستجابة خجلاً منه، وأجريت التسجيل لبضعة دقائق تركتُ للذاكرة فيها حريّة التداعيات، وأرسلتها له وكلي قناعه أنه سيوافقني الرأي ويستثنيني من المشاركة ويصرفدالنظر، لكن المفاجأة الكبيرة كانت ردة الفعل بكل ما فيها من تشجيع وشغف وحماسة وتأييد وتشجيع هائل للمتابعة على ذات المنوال، وأكد لي بعد رجائي له بعدم المجاملة، أنه لايعرف المجاملة في عمله أبداً، وأن نظرته وحدسه وخبرته لن تخدعه ولن تضلله لأي إنسان كان.. وفعلا انتصرت بتشجيعه على تردّدي، وانحزت بحصافته للنبش في ثنايا ذاكرتي، فأسهبت أكثر من المطلوب وأضفت أكثر مما ينبغي من سرد للأحداث، الذي حصل كان مفاجأة على المفاجأة وهذا قلّ ان يحدث على الصعيد الإعلامي.. إذ يرتقي برنامج بضيفه لدرجة السمو والرفعة فبدلاً من قصقصة الفائض عن حاجةِ الوقتِ الإذاعي، قرّر الكبير عاطف سليمان بعد الاجتماع بالدكتورة الفاضلة “لمياء محمود” مديرة إذاعة صوت العرب من القاهرةالدكتورة لمياء محمود رئيسة إذاعة صوت العرب من القاهرة، والفائزة موخراً بمنصب إدارة اتحاد الإذاعات العربية في تونس. 

الموافقة على إذاعة حلقة ثانية من أوراق غادا فؤاد السمان المنسيّة، وهذا ما لم تتخذه أية دائرة إعلامية في أي بقعة أخرى من عالمي الضيّق التعيس.. فهل تفي كلمة شكراً حقّ هذا الإعلامي المخضرم الاستثنائي النبيل، وهل تفي كلمة شكراً حقّ الإذاعة العريقة الأصيلة الأشهر في عالمنا العربي وايضا هل تفي كلمة شكراً للمخرجة المتمكنة سعدية حسين حقها وهي تجتهد في تنقية الصوت من شوائب التسجيل واختيار الموسيقى الانسب لتقطيع الفقرات برشاقة وحيوية تضيف على الاوراق المنسية كل بريق، وهنا لا بدّ أن أتطرق لتسجيل وجع المفارقة بين إعلامي “فارغ” يتفاقم أمثاله اليوم بشكل هائل حيث يعمل وغيره في “دكاكين للتجارة المتلفزة أو المسموعة” هدفها الأول تسويق التفاهات وترويج الإسفاف ومداولة الرخص، بحجة الجمهور “الغفور” الذي تنطلي عليه كل السماجات والسخافات لتسطيح الأذهان والعقول خدمة للجهل الضاري الذي ينهش مجتمعاتنا بصورة مقزّزة لا تخدم سوى المتربصين بعالمنا العربي، الذي يشهد تقهقراً مريعاً على صعيد الإنسانية والأخلاق والقيم والمبادىء والمُثُل والعلاقات الاجتماعية المتفكّكة والمتدهورة والمشوّهة بشكل مؤذٍ ومريع وخطير للغاية، حتى الدول التي تنهض من سكونيتها، فهي تشهد انقلابا في العادات والتقاليد بقفزات نوعية يخشى عليها من الوقوع الذي لابد منه بعد مرحلة اختلال التوازن التي يتعذّر أحيانا الشفاء منها والتعافي بسهولة.. أعلم أني أطلت ولم يكن في نيتي أكثر من الإشارة إلى أن حلقة “غادا فوال السمان من الأوراق المنسية ستذاع في 19 تشرين الثاني السابعة مساءاً بتوقيت القاهرة والحلقة الثانية ستذاع في 26 السبت الذي يليه في نفس التوقيت عبر أثير إذاعة صوت العرب من القاهرة وانتهزها فرصة رائعة لتحية مستمعي إذاعة صوت العرب في كل مكان من العالم.

خاصّ – إلا – 

You may also like