Home إلّا البهلوان الغربي والمعصوبة رؤوسهم !

البهلوان الغربي والمعصوبة رؤوسهم !

by رئيس التحرير

ثريا عاصي / كاتبة سياسية لبنانية – جريدة الديار – بيروت

المعروف أن الفلسطينيين، المقصود سكان فلسطين الأصليين، يمثّلون عائقاً أمام المستعمرين الإستيطانيين الإسرائيليين. هذه بديهيّة ليست بحاجة إلى برهان، ولكن يبدو أنّ إزالة هذا العائق الفلسطيني يتطلب بحسب المستعمرين ووكلائهم في بلدان العرب، إقناع الناس، الفلسطينيين الذين هم في وضع مشابه بالفعل أو بالقوة، يتطلب إقناع الأخيرين بأن يشدّوا رؤوسهم بعصائب حتى لا يرون وأن يصمّوا آذانهم فلا يفقِهون ولا يعقلون، وأن يتبعوا السائرين في مسيرة كبرى نحو برّ الأمان حيث سينزل عليهم المَنَّ والسلوى وستحاكي نساؤهم الحور العين، دون عناء!
فتوجب استناداً إليه العمل بشتى الوسائل والأساليب من أجل توفير الظروف المؤاتية لإستلاب هؤلاء الناس عقولهم وكرامتهم وضمائرهم وثقافتهم وإيهامهم بأن المستعمرين الإسرائيليين خصوصاً، والدول الغربية عموماً، مستعدون جميعاً لتعويضهم أضعاف ما اغتصبوه منهم، شرط أن ينتظروا ريثما تُهدم دُولهم وتـُطهّر مجتمعاتهم من «المشركين والمرتدّين» الذين شكّلوا تاريخيّاً في بلدان «الإسلام» بيئة ملائمة انطلقت منها القلاقل والإحتجاجات ضدّ السلطة!
من البديهي أن التعويضات الغربية لن تصل إلى الذين وافقوا على تعصيب رؤوسهم ومشوا مستعينين بالبوصلة الأميركية ـ الأوروبية، كما فعل الذين من قبلهم. والرأي عندي أنه فات الأوان فلم يعد ممكناً وقف الموكب وفكّ العصائب التي تغشّي أنظارهم قبل السقوط إلى الهاوية. فسوف يسقطون وستدمّر البلاد!
مهما يكن فإنّ الأمل ليس معدوماً في أن تكون الأجيال التي تحيا حالياً في بلداننا هي آخر ضحايا البربرية الأميركية ـ الأوروبية أو بالأحرى آخر فرائسها في حروب الإبادة التي تشنّها تمهيداً للتمدّد ولإحتلال المكان. فعلى الأرجح إن الأجيال القادمة لن تضع العصائب على أعينها ولن تستعين بالبوصلة المزورة.
ولكن ما يهمّ معرفته الآن هو أنّ الدول الغربية، تحت قيادة الولايات المتحدّة الأميركية، قتلت الناس، إذ يقدّر عدد ضحايا «الثورات الأميركية ـ الخليجية» بأربعةِ ملايين إنسان أزهقت هذه الثورات المزوّرة أرواحهم، لقد أبادت أميركا وحلفاؤها الأوروبيون أعداداً كبيرة من سكان الهلال الخصيب متذرّعين بحقّهم في التدخل دفاعاً عن حقوق الإنسان التي حُرِمَ منها هؤلاء السكّان جُزئيّاً. كالقوت، الكسوة، السكن، التعليم، الصحة، الأمن، والكرامة، خطاب الغرب خداع ألفاظ لا أكثر، فالحرب الأميركية ـ الأوروبية حرمتْ جميع السكان من هذه الحقوق كلياً. لقد ألغوا هذه الحقوق نهائياً، لأنهم نزعوا الإنسانية عن الإنسان!
وفي السياق نفسه، فإنّ الديموقراطيّة في سوريّة لن تأتِ منطقيّاً، قبل تحرير الأرض وقبل توكيد الإستقلال والسيادة الوطنيين. ولا شكّ أنّ الأولويّة هي لدفع المستعمرين وردعهم عن العدوان، ومن ثمّ تحرير الأرض من  الإحتلال، فحرب التحرير الوطني لها دولتها وإدارة مشروع المجتمع الوطني في مجالات الإنتاج والبناء والتعليم والتقدم وغير ذلك من الخدمات، لها دولتها أيضاً.

وأخيرا يَجدر التذكير بأنّ ممارسة الديموقراطيّة في المجتمع الوطني لا تكون بأيّ حال تحتَ إشرافٍ أميركي ـ أوروبي أو بمشاركةِ السعودية، وتركيا وجماعاتِ الإخوان المسلمين، والوهابية كل هؤلاء تحرّكهم الولايات المتّحدة وبعض الأوروبيين كما يلاعب البهلوان الدمى!

المصدر : جريدة الديار اللبنانية http://www.addiyar.com/article/1389664-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B5%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%B1%D8%A4%D9%88%D8%B3%D9%87%D9%85

You may also like