Home لـوثـة إلّاأدب جورج يعقوب نجوميّة خافتة لجوهر لامع يرفض الإدّعاء

جورج يعقوب نجوميّة خافتة لجوهر لامع يرفض الإدّعاء

by رئيس التحرير

جورج يعقوب اسم لم يأتِ من فراغ بل يستند إلى إرثٍ عريقٍ، فهو ابن المستشار – يعقوب يعقوب – ، وابن – سعاد فاضل يعقوب – الفنانة التشكيلية التي حجزت مقعدها الإبداعي بعيداً عن الضجيج والصخب والإدعاء والبروبوغاندا المتعارف عليها لأنها فنانة حقيقيّة مبدعة أصيلة، تحمل إرثاً إبداعيّاً هائلاً، تركه لها والدها الفنان العالمي المعروف “مكاراف فاضل “، وهنا نحار أنّى نوجّه بوصلة الحرف انطلاقاً من جورج يعقوب وإليه، أم من بيئته الخصيبة بالإبداع والمبدعين، والتي تعجّ بالأصالة وتزخر بالضوء والخصوصيّة والرقيّ.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

من صميم الأسود يولد الضوء

ولد جورج يعقوب من أبّ وأمّ لبنانيين في اليونان مدينة الفلسفة والفن والإبداع، تشرّب من هوائها العليل ومناخها الساحر جلّ خيالاته، عزّز أحلامه بالأساطير، ومهرها بالحضارة، وتعلّم أبجدياتها وأتقن أكثر من لغة وتمكّن منها، وتأقلم مع مناخ اليونان الساحر وجزره المترامية في صميم الأزرق اللازوردي عشق الشمس والبحر والهواء والحرية، ثمّ تَقرّرتْ عودةُ العائلة إلى لبنان، ولم يكن من السهل الانتقال من بلد أوربي يحترم قيمة الإنسان وإنسانيته، إلى بلد يفقد الإنسان فيه إنسانيته تباعاً، وكان على العائلة الصمود أمام جميع الظروف، والتمسّك بقرار العودة، وكان على جورج أن يحقق الحدّ الأدنى من أحلامه التي لا تحدّ، فقد عاش في بلد الأساطير والامبراطوريات وعرف مجد القياصرة وأعجب بها وقرأ الفلاسفة والشعراء والأدباء والتاريخ منذ ماقبل التاريخ مروراً بكلّ الروائع، عرف زرياب عاشق الحريّة المتمرّد الذي قاوم بالفن حين أبدع رقصةً تتماهى مع نبضهِ ومع إيقاع الريح المتناوب بين العنف والتهدئة..

لا يتوفر نص بديل تلقائي.

بعض مؤلفاته

وتفجّر عن صمته الطويل ينبوع حبر لا ينضب يصبّه داخل إصدارٍ يتلوه إصدار حتى وصل الإصدار الثامن وجميعها باللغة الإنكليزية التي يتقنها قراءة وكتابة وفناً ونمطاً للتفكير، وعندما بدأ يتلفّظ العربية التقطته عدسة الكاميرا وقدمته إلى الشاشة الصغيرة، بموهبته الحاضرة في التجسيد الدرامي، بكامل التلقائية والعفوية والبساطة واليُسْرِ والسلاسة، فهو حين يقف أمام الكاميرا لا يجد أية صعوبة لتأدية الدور لأنه يمتلك الكثير من المشاعر فهو يكتب الشعر ويعبّر عن أدق تفاصيل لواعجه الإنسانية، وهو بالغ الحساسية المقترنة بالرهافة التي لا تفارقه في جميع المواقف الحياتية اليومية بكامل حيثياتها وجزئياتها وتكوينها، وهذه العناصر مجتمعة تشكّل رصيداً لا يُستهان به، كفيلاً بإدراك أيّ دور وأيّة شخصية تُكتب له ليلعبها دون أيّ تردّد أو صعاب.. كرّ

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

لقطة من أدواره التمثيلية على الشاشة الصغيرة

لا شكّ أنّ لدى جورج يعقوب الكثير ليفصح وخاصّة وهو يؤكد تباعاً أنه خلق وفي عهدة طبع وطبيعة التفرّد مع الذات، والتفرّس المتواصل للعادي كما للاستثنائي على حدّ سواء، وهكذا أتقن ميزة التأمّل التي بدأها دون قصد أو وعي، وإذا بها تفتح له جميع بوابات الإدراك، ومعظم نوافذ الوعي، إذا صار يرى أكثر، يبحث أكثر، يحكم على الأمور باهتمام أو لا مبالاة أكثر، يتابع، يلاحظ، يدقق، يحاور، يناور، يتجاوز، كل تلك الفصول تحصل على أرضٍ واحدة، هي التي تجمعه مع الآخر، أينما كان، وكائناً من كان، والتجربة خير دليل وأصدق برهان، لتأكيد المتوقّع، أو إلغائه.

صورة ذات صلة

الحكيم الروحي “أوشو “

“أوشو ” واحد من الذين أضاؤوا له الطريق، ومهدوا الدرب لفتح مساريب الوعي، وتسليط الضوء على الهوامش والمتنون لمعرفة الحقيقة، بعمق أكبر مما كان عليه، لهذا احتلّ أوشو مساحة واسعة في دائرة اهتماماته، وبدأ معه مرحلة التنوّر والإدراك وبعض الرضى عن الذات ومداخلاتها لإضافة الأفعال وردود الأفعال، المدعومة بالقيم والمبادىء والمُثل العليا التي تلقاها عبر أبجديات البيئة الأصيلة التي ينتمي إليها، والمراحل المنهجية التي وصلها في تحصيله العلمي عبر الجامعة الأرقى “leu ” في لبنان.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

ولا شكّ أنّ زيادة الوعي عبء ومسؤولية، تجاه الذات وتجاه الآخر، وبالتالي تجاه المجتمع، لهذا كان عليه وضع الأسس المتينة التي ينطلق منها، وكان بعض الانتباه وقليل من الحذر هو من الضرورات الحتمية لحماية الذات، وكما يشير في معرض الحديثه، أنه كان يحاول حماية نفسه بالحفاظ على طبيعته أولاً، وكان يحاول ما بوسعه أن يكون هو نفسه دائما دون تقديم أيّة تنازلات، بل كان يحرص كل الحرص على اختيار  الأصدقاء بعناية فائقة ويعتبر أن الثقة هي مرحلة متقدّمة جداً من مراحل العلاقة التي تصمد في وجه الأعاصير الإجتماعية وما يعتريها من مصالح وماديات، وهو لا يحسم فجيعة الإنسانية بحصول الطوفان الذي أغرقها، بل يرى أن خشبات الخلاص لا تزال بمتناول جميع الغرقى، وأهمها العودة إلى الذات، وتهذيب الميول الشخصية وفي مقدمها ترويض الغرائز، لأنه بترويضها يكمن الحلّ بعودة الإنسانية إلى إنسانيته، والقضاء على الحيوان الشرس الكامن في أعماق كلّ منا، والذي يُهدد كيانه بافتراس ما تبقى له من كيان في هذا الوجود.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

الطفولة آخر المرافىء الآمنة يرى فيها أجمل وأوضح المرايا اللائقة بروحه

ثمّ يؤكد جورج يعقوب يعقوب بمعرض حديثه المتواصل أن تهذيب الغرائز وترويضها هو الضمان الوحيد لتوازن الإنسان مع إنسانيته ومرآته ومجتمعه ووجوده ككلّ، وهنا يكمن سرّ السعادة بالرضى على الذات، والرضى مع الآخر.

وهنا يأتي بتقديره دور الحبّ، والحبّ ليس مجرّد كلمة عابره للسطور أو للصدور لتلامس مشاعر خاطفة وكفى، الحب بتقديره علاج ومفاتيح وأساس ومشاعر وأحاسيس وأخلاق وأهداف ورهافة وصدق ونبل ومحطات ومراحل وأطوار لامحدودة يمر بها الحب فيتحوّل من مَعْرَجٍ إلى آخر حيث يرتقي ويسمو إلى أن يستحقّ عرشه في القلب والروح والكيان، أو يتلاشى ويذوي وينتهي به المطاف إلى الهجر والنسيان، والحب برأي جورج يعقوب معجزة من معجزات الخالق للإنسانية، فهو الذي يمنح النور الكامل، والوضوح الخلّاق، ويزيد إمكانية الرؤية للمدى الأوسع والأكثر عمقاً، للوجود وحقيقته الروحية التي تعطي الفرح المأمول، والسعادة البالغة.

 

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

بانتظار الفكرة دائماً أو لا أحد

ولا يصعب على جورج يعقوب تحديد وتوصيف مشاعره بصراحة مباشرة دون لفٍّ أو دوران وتحايل على ما توجهنا إليه من أسئلة لاستنباط أقصى ما يمكن استنباطه، بل كان واثقاً بمشاعره إلى حدّ بعيد حين قال، أعتبر نفسي محظوظا في الحبّ، وهذا الأمر انعكس على حياتي ككلّ، فالحبّ ليس ما يشعره الآخر تجاهك فقط، بل هو ماتشعره أنت تجاه الآخر، ومن أساسيات هذا الشعور، تفهّم الآخر، والاقتناع التام بضرورة رعاية الحبّ كطفل رضيع لا ينمو وحده على الإطلاق بل هو يحتاج إلى عناية دائمة ومراعاة لأدقّ التفاصيل، وهذا كلّه يحتاج إلى مهارة عالية بالتدريب المستمر للتفاعل مع الآخر ضمن الخطوط المتاحة والبحث أيضاً عن السبل التي تءدّي إلى الانسجام دائماً، ومن أهم عوامل إنجاح الحب وكلام دائماً لجورج يعقوب هو عدوم الإنجرار إلى الغيرة أو الحسد أو الغلّ، بل لا بدّ من حبّ الجميع فلكل إنسان نظرته في الحياة وحقوقه في التعبير عن نفسه حتى وإن كانت لا تلائمنا قناعاته.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

كلّما ابتعدنا عن ضجيج الكلام والألوان اقتربنا من أنفسنا أكثر

ويختم الكاتب والأديب العالمي اللبناني جورج يعقوب يعقوب الحوار قبل أن ندخل معه بالانتقال إلى فضاء آخر من فضاءاته الزاخرة بالفن والإبداع، ويغلق الحوار قبل أن نواصل معه تقديم الأسئلة حول تجاربه الفنية أمام الكاميرا لصالح الشاشة الصغيرة، وهنا لا بدّ من القول أن جورج يعقوب يستحّق منا ومن أي منبر آخر الوقوف على تجاربه الغنية تجربة تلو الأخرى وحرّي بلبنان وفعالياته الثقافية تكريمة على أكمل وجه وخاصّة أنه قد كرّم مؤخّراً في إيطاليا باسم إحدى الجمعيات الثقافية الأهلية // xxil  //، بصفته الأول من بين جميع المتقدمين الناطقين والمؤلفين بااللغة الإنكليزية من أصل عربي.

Premio Energheia Libano 2016.

ولهذا سنحرص على لقاءٍ مفصّل قادم حول تجربته الفنيّة الدرامية للشاشة الصغيرة والتي سنتناول فيها موهبته في التمثيل بعيداً عن الكتابة والتأليف والنشر.

 

خاصّ – إلّا –

 

 

 

 

You may also like

1 comment

جورج يعقوب: كلّما ابتعدنا عن ضجيج الكلام والألوان اقتربنا من أنفسنا أكثر | Haramoon.com 24/02/2017 - 7:22 مساءً

[…] جورج يعقوب نجوميّة خافتة لجوهر لامع يرفض الإدّعاء […]

Comments are closed.