Home دعسـة إلّاافتتاحيــة غادا ف.السمّان في محبرةِ “البغدادي “

غادا ف.السمّان في محبرةِ “البغدادي “

by رئيس التحرير

شوقي بغدادي / شاعر سوريا الأول حامل جائزتيّ البابطين والسلطان عويس ـ ناقد أدبي

صديقتي العزيزة جداً..جداً.. صديقة القلم والكلمة والموقف والحريّة.. صديقة الاحتراب والإغتراب والوجع والحنين، صديقة الإستثناءات في هذه ال “إلا ” صديقة الجهود التي لا تكلّ ولا تثمر في بلاد الإختناق، صديقة الأمس واليوم والروح الأبديّة..

لهذا كلّه أنتِ يا غادا بالنسبة لي أكثر من صديقة… بل أنتِ الشخص العالي الثقافة، صاحبة الموهبة الأخلاقية الراسخة، صاحبة الوطنيّة الأسمى، صاحبة الفكر الأعمق، صاحبة الروح العفويّة التلقائيّة الصادقة.

أيّتها الغادا أنتِ خير من تُمثّل البلاد والأبجديّة كسفيرةٍ فوقَ العادة سواء في لبنان أو في أيّ بلد وضعتِ فيه رِحال غربتك المزمنة .. من دون مساعدة أحد أو جميلة من مُستغلّ…

أجزم أنه لولا شيخوختي العاتية التي زادتْ عن مستواها العادي لما تردّدت في  تأليفِ كتاب خاصّ عن هذه الظاهرة الانسانيّة الفريدة من نوعها والتي اسمها : ( غادا فؤاد السمان ) التي حاربتْ طواحين الهواء، وخفافيش الظلام، وفزّاعات المحابر بعزيمةٍ “دونكيشوتية ” خالصة وجميعنا يعلم، وجميعنا صمت وتابع وراقب دون أن يحرّك أي ساكن لأنّك لم تتلفتي يوماً لطلب نجدة أو استغاثة من أحد، بل كنت الفارسة التي امتشقت قلبها وقلمها معا وجعلت درعاً من الأول وسهماً فتاكاً من الثاني تضع حرفها في صلب الهدف دون أن يرفّ لك جفن، أو يشقّ لك غبار …

لهذا أتمنّى عليك أن تكتبي يا غادا بعضاً من المذكرات عن حياتك الشخصيّة، عن تجاربك الخاصّة والمثيرة للتفكير جدّياً، وانشريه في كتابٍ بل في أكثر من لغة، كي يعرف العالم أجمع سيرتك الذاتية الجديرة كما أجزم بجائزة ثقافيّة إنسانيّة رفيعة المحتوى، لا تقلّ قيمة عن مستوى جائزة نوبل ..

ثمّة العديد من النساء اللواتي حصلن على جوائز تقديريّة عديدة، من اليمن ومن مصر العربية، ومن بلاد أخرى ليسوا أفضل منك بشيء على الإطلاق..

كما وإن موقفك الوطني والقومي والفكري المهذّب من الشاعر الفلسطيني “محمود درويش ” جدير جدّاً بالاهتمام الكبير كي يحظَ وبحدّ ذاته بجائزة ثقافيّة إنسانيّة مرموقة، فكيف لو عبّرتِ عن حياتك وتجاربها المثيرة للجدل اعتباراً من “اسمك ” الذي لم تفتر للنيل منك فعلا عزيمة كلّ المفترين عن تسديد الإفتراءات المتعاقبة لتعقّبكِ في جميع صولاتك وجولاتك وإطلالاتك وحواراتك وكتاباتك وإصداراتك حتى اليوم الذي صار الجميع في منأى عن الجميع بحكم الجائحة اللئيمة، والجُناة الأشرار في السياسة والإقتصاد ومصير المثقّف الذي يتدهور قبل سواه لأنه نذر نفسه لبلاد تعجّ بالطغاة والتجّار والسماسرة في الحضيض، والمثقّف الحقيقي أمثالك ياغادا يواظب في القبض على الجمر ويستنزف صموده حتى الرمق الأخير ولن يتنازل عن قناعاته وكبريائه وطيبته بشيء، فأيّة رسولة أنتِ ياذات الشعر الطويل واللسان الأطول والرأس العالية، في مجتمعات “النعام ” التي تطمّ رؤوسها في الوحل وتتمرّغ بمتعة الصمت والخَرس.

ألم تفكري يا سيدتي غادا فؤاد السمان بعمل ثقافي من هذا النوع..؟ والذي من الممكن ترجمته إلى اللغة الانجليزية أو غيرها من اللغات العالمية.. وأنا مستعدّ كل الاستعداد وبجديّة تامّة لمساعدتك في هذا الشأن، إذ لديّ ثقة فائقة بفتاة هي في الواقع ابنة أختي، وتتقن الانحليزية والفرنسية إتقاناً مدهشاً، وتعمل منذ سنين وإلى الآن في مؤسسة الأمم المتّحدة في نيويورك كمترجمةٍ أصيلة وعتيدة في هذا الشأن، وقد ترجمتْ إلى العربية للكاتب اللبناني الأصل والذي حصل على الجنسية الفرنسية من سنين، وعلى العضوية فيما يُسَمّى الأكاديمية الفرنسية وهو الكاتب الأشهر المعروف عربياً وعالمياً “أمين معلوف ” …

أكتب لك هذا الخطاب المركّز والمشوب ببعض التداعيات، لتوثيق قناعتي بسيرتك ومسيرتك الأدبية، ويحزّ في نفسي أنني لا أملك صلاحية تكريمك فعلاً لا بشكل رسمي، ولا حتى شخصي، فقد أصبحنا في دائرة ضيّقة للغاية وبالكاد تتسع لنلفظ فيها حروفنا على مضض، فالورق في مهبّ الإلغاء، والثقافة في خبر كان، وثروات الوطن للغزاة والطامعين كما كانت في كل زمان وأوان، ولم يكن للمثقف الحقيقي أمثالنا يا عزيزتي من وجودها نصيب.

إلى اللقاء..

على أمل أن تتحرّري من جميع قيودك ويكون لك زيارة قريبة لمدينتك “دمشق ” أيّتها الدمشقية الأصيلة، تليق بك وبغيابك الطويل.. وبانتظار جوابك على هذا الاقتراح يا عزيزتي غادا فؤاد السمان، وأعدك أن أكون المثابر ما بوسعي على حضّك وتحريضك المتواصل ليقيني أنّك وصلت حافّة اللامبالاة واستسلمتِ للكسل واليأس كما فهمت تماماً وبوضوح كامل وجليّ من خلال العديد من الرسائل المتبادلة بيننا بين حين وحين، وأنا أفهمك ياصديقتي وياصغيرتي فليس من السهل على امرأة وحيدة المتابعة في هذه الطريق المظلمة التي تفقد سُبل خلاصها يوماً بعد يوم، ولكنك المؤمنة بالله وبالقدر وكلّي ثقة بأنّ إنسانة مثقّفة نبيلة مثلك لن تتخلّى عنها المشيئة الإلهية لهذا لا بدّ من المباشرة في كتابة سيرتك الذاتية الحافلة بالنور والتي أشهد الكثير واليسير منها ..

فما رأيك دام حبرك على رأي الإعلامي الفلسطيني الراحل “توفيق البجيرمي ” رحمه الله…

خاصّ – إلّا –

You may also like