Home أقلام إلّا ماما أمريكا
Amro_maqdesi

عمرو مقدسي كاتب وشاعر

أمريكا.. هو مصطلح مجرّد لايطلق فقط على شعب وأرض، ولكن يطلق على قوى سياسية اقتصادية عملاقة اسمها الشركات المتعددة الجنسيات التى تمتلك البحر والجو والأرض تطعمينا وتسقينا وتعلمنا بما نؤمن به، وبما نكفر، متى نحارب و من نحارب و من نسالم .. وهذه الشبكة العملاقة من الكيانات الكوكبيّة مقرّها الرئيسى أمريكا وفروعها التي تمتدّ فى كل أحياء القرية الممتدّة عبر كوكب الارض…

أمريكا.. ليست البيت الأبيض وليست رعاة البقر فى الجنوب ولا المرمون فى يوتا. أمريكا.. هي آل “بوش ” وآل “سعود ” وآل “مبارك ” وآل “الصباح ” و “السلطة الفلسطينية ” و “الاحزاب القومية ” و “أساقفة طهران ” و “بابا الفاتيكان ” و حاخامات القدس ” و إمام الحرم الشريف ” وأيضاً “ميكروسوفت “و “فورد ” و آى بود “و “شركات النفط ” و “السلاح “.

وأمريكا.. هي “السي إن إن ” و “فوكس نيوز ” و “قناة العربية ” و “الجزيرة ” هي مجموعة “عائلات المافيا ” التى تحكم حواري الأرض وجواريها…

أمريكا التى يكرهها الناس ويحلمون بالهجرة إليها، هي اتحاد المافيا الدولي، الذي يعبث بحياة البشر وبالتطور الإنساني لهذا الكوكب اللامتناهي وهي ليست أمريكا نيويورك ولا ميتشجن ولا كلورادوا …. إن هؤلاء الذي يلعنون أمريكا ليل نهار، هم أبناء من كانوا يلعنون الانجليز والفرنسيين.

إن الإشكالية ليست في هوية “المهيمن”، بل إنها في بنية وتاريخ وتراث ودين وثقافة وسلوك وأخلاق واقتصاد وحياة موضوع الهيمنة، التي هي تخلّف يعيد إنتاج نفسه بشكل مستمر.

لهذا كلّه أمريكا تشكّل نوعاً جديداً من الهيمنة الامبراطورية، إذ أنها تمتص ثروات الشعوب لكن دون أن تتركهم للعراء، بل تستفيد منهم كسوق استهلاكية، مما يعني بعضاً من الرفاهية المزيّفة التي لا تنالها الشعوب في ظلّ حكوماتها ولا ظلّ الامبراطوريات السابقة.

الغريب أن هناك قواسم مشتركة تجمع “لاعني أمريكا” هؤلاء، أهمها أنّهم ينظرون لأمريكا كشر محض، وبالتالي أي عدو لها هو بالضرورة ملاك. ومن هذا المنطلق تصبح داعش ملائكة الرحمة، وهم دوما مسكونين بإشكالية “العدو القريب (الحكومات المستبّدة) – العدو البعيد (القوى الامبراطورية)” … وهي إشكالية لا تفضي إلى شيء، فقط تستفرغ مخزون الشتائم واللعن والحنق الذي تختزنه. وهؤلاء اللاعنين، هم من أكبر عقبات التغيير، إذ أنّ أيّة حركة نقدية لكل ما يمسّ هوّيتهم، سواء كانت إسلامية أو قومية، يعتبر عمالة، وأية محاولة لقراءة الواقع بواقعية غير استسلامية، هو تطبيع… فهم لا عمل لديهم سوى شتم الغرب والحكومات، واتهام الاخرين بالعمالة والكفر.

وهم أنفسهم لو تسلّموا دفّة الحكم يوما، لرأيناهم يكررّون ما نشاهده اليوم من استبداد وتخلّف، وذلك لأن لا مشروع حقيقي لديهم، بل إن بعضهم أثناء تسلّمه لسلطات صغيرة في أسرته عبر نطاقات صغيرة لا تذكر، تجده يمارس أبشع مما تمارسه الحكومات.

ليسبح من شاء أن يسبح بعظمة أمريكا.. وليحقّر ما شاء أن يحقّر بشعوب أرضنا.. فعظمة أمريكا وضعف شعوبنا ليستا اكتشافاً جديدا!

لكنّ السر في الموقف من الشعوب ومن أمريكا! هذا هو الفرق الجوهري هنا.. نحن نؤمن بشعوب المنطقة إيمانا يجعلنا نخيّر أمريكا بين الانحياز لشعوب المنطقة أو الانحياز للصهاينة.. ولتختار ما تشاء، ولكن الشعوب ستختار دحرَ هذه القوّة المهيمنة في حالة استمرارها بالانحياز للصهاينة وعربان الصهيانة من الأنظمة الطاغية والمستبدة!

طبعاً البعض لا يعرف عن حركة الشعوب أكثر مما يعرف صاحب الوجبة السريعة عندما يقف عند مطعم ماكدونالدز الأمريكي! والتحية للشعوب الحية والكريمة والعصيّة على الرضوخ والتبعية والطغيان!!!

و.. للتأملات بقية

 

خاصّ – إلّا  –

**عمرو مقدسي كاتب وشاعر فلسطيني – أستاذ جامعي في الولايات المتّحدة الأميركية

You may also like