play youtube
xnxx
xhamster
xvideos
porn
hentai
porn
xxx
sex việt
henti
free brazzer
youpor
brazzer
xvideos
فواغي القاسمي هي الكون الآخر لبحورها الشعرية، تعادلها، تماثلها، تغترف منها وتفيض بها.. قصيدتها تُمثّلها، وهي حين تحضر تنوب عنها.. قصيدتها تهدر بصخبٍ وسخطٍ وغضبٍ وحبٍّ وعلياء، وحضورها يهدرُ بصمتٍ وحذرٍ ولباقةٍ ولطافةٍ ورقيٍّ وإنسانيّةٍ وكبرياء، تحارُ بينها وبين قصيدتها كيف تقبضُ على ماهيّة الشعر، على كينونته، وصيرورته، وتشكّله، وانبثاقه، وتموضعه.
عفويّة هي بمنتهى الانتباه، وتلقائيّة بمنتهى الانضباط، وما بينهما ترمح الشاعرة وهنا تُدرك أبعاداً جديدةً للروح، حين تصبح كثافة روحها تلامس روحك، واتّساع هالة الضوء لديها تصل أعماقك، وبهجة حرارة التعبير منها وإليها تلوّن أوردتك، وهنا تكبر الحيرة هل تفيها حقّها ببسط رقعة التوصيف مستحضراً كافة الدلالات اللائقة بخصوصيّتها، وتقع في مطبّ ارتيابها، وارتياب المتربصين آخر السطر، أم تغضّ الطرف وتعمد إلى خيانة شعورك، والإطاحة باللغة التي تستجيب أو لا تستجيب للكرنفال الذي يبدأ عند أعطاف المشهد الحافل بالشعر والشاعرة معاً، ربّما المقدمة هنا تعجز عن الحسم، والعزاء يكمن في حوار الذي أعقب توقيع إصدارها الجديد “حيّ البنفسج ” وقد جاء تقدمة منها لحشد كبير جداً من جمهور توّاق للقائها وإعلاميين توافدوا من كل حدبٍ وصوب، احتفاءاً بالشاعرة القاسمي في بيروت في جناح دار الفارابي – البيال، والذي كان فاتحة المناسبات المميزة لمعرض الكتاب اللبناني الدولي التاسع والخمسين، والذي أعطى دون ريب ثقلاً وزخماً وقيمةً لما سيليه من مناسبات مماثلة لمؤلفين مخضرمين ومؤلفين جدد.. بكلّ اعتزاز سرّني أن أحاورها كشاعرة تربطني بها صداقة حقيقيّة ومودة كبيرة ومناورات لا تعترف بالمهادنة إلّا فيما ندر.. وفي – إلّا – هنا…
غادا فؤاد السمّان – بيروت
فواغي القاسمي في الوقت الذي تحذر فيه سفارات الخليج رعاياها السفر إلى لبناني.. تختارين بيروت لتوقيعك الجديد.. كيف تفاديت قلقكِ حيال الوضع الأمني المأزوم على الدوام؟
قلّما ساورني خوف مبنيٌّ على تحذير إعلامي أو رسمي ، حين اخترت أن أترك قلبي ساربا تحت ظلال خمائل لبنان كانت الحرب الأهلية لا تزال دائرة ، ولا أظن هذا اليوم أسوأ مما سبقه وعليه فلا يشغلني الهاجس الأمني المفتعل كثيرا.
* أن تتركي عاصمة عريقة كلندن وهي الوطن البديل عن الإمارات وتتوجهين الى بيروت لتكون حاضن مولودك الأدبي الجديد.. مالذي برأيك يميز بيروت عن لندن وعن دبي لتفوز باختيارك دونا عن غيرها؟
ربما لن أجيب هنا بما يميز بيروت عن لندن ، ذلك أنني أجد المقارنة غير عادلة ، بيروت بعراقتها وعروبة ثقافتها ليست لندن، ناهيك عن لغة الضاد الشامخة في سمائها وأنفاس أرزها و تأوّهات بحرها و عبيق جبالها .. هي الحضن الطبيعي لمولود ينطقُ بلسانها و ينبض قلبه شغفا بعشقها.
*هذا هو الإصدارالسادس لفواغي القاسمي.. برأيك هل لا زال ثمة قارىء علما أن معظم سكان العالم العربي قد تحولوا إلى كتاب وشعراء وأدباء.. كيف تغامر فواغي بطباعة إصدار جديد في عالم يفتقر الى قارىء حقيقي؟
هذا المداد المعجون بعصير القلب و نشيج الروح لا يمكن له أن يبقى مأسورا مكسور الجناح ، ذاك الضوء المنثال من مشكاة الخروج يمهد له دروب الصرخة في بريّة الوجود . لا يهم أن يعج الفضاء بأصوات النشاز، و تراكم الرديء لكن تبقى مساحة من ضوء يبرز فيها الصوت الحقيقي الصادح بالجميل.
كما هو معلوم فواغي تتقن اللغة الانكليزية وتقيم في انكلترا.. لماذا لم تفكري بتقديم عمل باللغة الإنكليزية لقارىء جديد.. في انكلترا ؟
لست من أولئك المغرمين بالغربة و التغريب ، عربية حتى إخمص الروح متعصبة لجذوري حدّ الوجع ، مغروسة في عمق التاريخ ، فخورة بانتمائي المتجذر في الوجدان العربي.. فكل ما تنطق به الروح عربي عربي عربي .. وللقاريء الغربي من يمثله في موطنه
* حي البنفسج.. اسم مجازي لمكان شاهد على لواعج الحزن في ذات فواغي المرهفة أم هو تشفير لذاكره مثقلة بالأوجاع.. أم هو عنوان لأناقة روحك تختزلين فيه أسرار وأسفار الرؤى الشعر والوجود؟
للبنفسج في الذاكرة المقام الأجمل كلون و عبق، ولا تزال ذاكرتي المثقلة بانحناءات الزمن و تعرجات المكان يرسم فيها البنفسج طاقات فرح وشآبيب نور منذ الطفولة حتى اليوم ، بيد أنني اخترت هذا العنوان عطفا على قصيدة في قلب الديوان تتجلى فيها نبوءة شاعر. أسميتها “فصل من رواية حيّ البنفسج” غادرتني لحظة شرود كنت أغرق فيها في غيبوبة الوحي وحين إفاقةٍ تأمّلتُ ما كتبته و توقفتُ كثيراً متسائلة : لماذا هذا و كيف ومتى وما هذا وما ذاك وكل أدوات الاستفهام والاستغراق في اللامنتهي من الحيرة و تركت القصيدة بعضاً من السنين و فجأة تبلورت أمام عيني تلك النبوءة بتفاصيلها و دبيبها ونشيجها لذا قرّرت أن أحرّرها من قيود الإخفاء إلى إشراقات الظهور فكانت و كان بها ولها عنوان الديوان.
“لـبنــانُ قلبي هـائمٌ بهـواكا و ربيعِ روضكَ و اعتـلالِ هواكا
يا جنـــةً جادَ الإلهُ بخــلقها فتعاظمتْ قُدُراتُ من سـوّاكا
ٍيا من حباهُ الله أجمـلَ حلـة وشيَ النعيـمِ عجائباً و حيـاكا
هيجت في قلبي حـنيناً حالماً فـابتــلتِ الأحداقُ من ذكراكا
فيشـدُني لحـنُ الكنـارِ مغــردا و يـردد الحسـونُ شــدوَ غناكا
تحت الكرومِ تركت قلبا ًساربا متــرنـــما ً متعــللا ً بصبــاكا
تتضوعُ الأزهــارُ من أكمامهـا فيعبـّــقُ النسماتِ فوعُ شذاكا
تدنو القطوفُ لكي ينالَ قطافُها و الأيكُ عانق في السموِّ سماكا
ٌو تجوب من بين الغمائم مزنة تدنو و تلثـم في الربيع ثـراكا فيفيق ذاك العشب من هجعـاته متراقصـا ً نشــوانَ مـن ريّاكا
ٌقطرُ الندى فوق الغصون لآلئ رقراقةٌ تزهــو بحسن سـناكا
ٌو تتيه من بين الشعاب خمائـل فـيفــئ حســن سـاحرٌ بذَراكا
أبتِ القـوافي أن تُصاغَ لـجنــة جـل الإلــه بخــلقهـا إلّاكــا
كلُّ البـلادِ بسحـرها و جمالـها لم يبــقَ منها في الفـؤاد سـواكا “.
عندما قال لي محمد الماغوط:
أفصح ما تقول القحبــــاء عندما تحاضر في العفــــــــــــاف
* في رأسي ملايين الأصوات المحرومة ، وفي صدري ألوف السجناء!
لو أمدّ الله في عمر محمد الماغوط.. ليرى ما حدث في وطنه، ماذا كان يفعل؟..
هل يحتمل رؤية حطام بلاده على أيدي تتار العصر طمعا في الغاز، والحرب بالوكالة لتحقيق أطماع اسرائيل وتركيا في التراب السوري؟.. هل كان باستطاعته احتمال مشاهد بيع حرائر الشام في سوق النخاسة، واغتصاب الفضليات بدعوى “جهاد النكاح” ، والهجرة بالأطفال الأشاوس الى الموت في البحر فرارا من الموت بالرصاص والقنابل ؟..أثق أن الماغوط لم يكن ليقبل الموت، وسيعتذر الى الله ليبقى ويقاوم.. ويقاوم، وأثق أن ثراه ينتفض الآن في قبره كاتبا أعظم قصائد عرفتها البشرية منذ رحيل “هوميروس”.
***
عرفت محمد الماغوط قبل أن أراه بسنين طويلة، وحدّثني عنه في القاهرة “دريد لحام” الذي قدّم أعماله المسرحية الخلابة: كاسك يا وطن – شقائق النعمان – غربة – ضيعة تشرين ، كما قدم للسينما فيلمي : الحدود – التقرير. وسبق أن قدم له المسرح السوري واللبناني مسرحياته : العصفور الأحدب، و المهرّج والمارسيلييز العربية.
والماغوط – رحمه الله – واحد من رواد شعر النثر في الشام، ذاق مرارة السجون وعذابها على أيدي زعماء الحزب القومي السوري في منتصف الخمسينيات،أيام الشيشكلي وحسني الزعيم، وتفجّرت موهبته الشعرية داخل السجن، حين كان يكتب خواطره، التي اكتشف بعد ذلك أنها كانت شعرا دون أن يدري ، وكان رفيق سجنه في تلك الآونة الشاعر أدونيس.
حين التقينا في القاهرة؛ تحادثنا طويلا، وسافرت في أعماقه الى الجذور ،لأتعرف على ارتكازات مناطق التمرد فيه، قال لي:
ولدت في بلدة “السلمية” على أطراف الصحراء، على رأس مثلث بين تدمر وحماه وحمص، ودائما أي مدينة تكون على حدود ما، يكون وضعها صعب وقلق ومضطرب، ربما كان القلق الذي أعيشه ترجع جذوره الى الموطن الأصلي الذي يحتوي نوعا من الغربة، ينعكس على أبنائه، وطبيعي أن الشاعر أو الفنان تكون غربته أشدّ وأعمق، باعتباره أقلّ صبراً من الآخرين.
والقرى العربية بشكل عام، وخصوصا القرى النائية شبه المعزولة جغرافيا، تخلق نوعا من الاحساس بعدم الانصاف، بالنسبة للتجمّعات البشرية الأخرى، ودائما الوضع الاقتصادي تكون له الأولوية في التأثير على الانسان. هناك فلاحون وهناك اقطاعيون. وأنا كنت من الجانب الفلاحي أو من الطبقات المعدمة أو المسحوقة أنا وأهلي، وربما نحن الغصن الأجرد في العائلة،لأن هناك قسما موسراً.
وحدثني الماغوط عن ينابيعه الثقافية فقال:
ثقافتي لم تكن ثقافة ورق، وانما ثقافة واقع، في البدايات لم أقرأ كثيرا ، كنت أتأمل كثيرا، ولم يكن لدي جلد طويل على أي شيء، لا على القراءة، ولا على الكتابة. ما عندي جلد الا على الحلم والخيال. لي أربعون سنة أحلم، وأنا لم أفكر في يوم من الأيام أن أكون شاعرا أو كاتبا على الاطلاق، ولا تعنيني هذه التسمية حتى الآن، أنا انسان أعيش، ولا تعنيني الشهرة، أو توظيف ما أكتب. أنا لا أكتب للناس، ولا أكتب لمجتمع، أنا أكتب لنفسي.
والكتابة بالنسبة لي عزاء شخصي، فأنا حرمت منذ طفولتي، ومن الطبيعي أن الانسان كلما تقدمت به السنون تتحقق أحلامه، أنا بالعكس كلما تقدم بي العمر في الحياة العربية، تتحطم هذه الأحلام، وأشعر أنني لم أحقق شيئا لا كشاعر ولا كانسان.
أما أحلامه التي مر العمر ولم تتحقق فقد أخذت ملامحها من :
” الإحساس بالظلم، والإحساس بعدم العدالة والانصاف، بعدم الرؤية الانسانية للطبقات الفقيرة”. يقول الماغوط: كنت أعتبر نفسي صوتاً من أصوات الفقراء، وربما كان صوتي أكثر وضوحاً، لأني أقل صبراً على الكبت، وعلى التأقلم مع الحياة أو الواقع. إحساسي في الكتابة كان نوعاً من الخواطر، وما أفكر فيه أسجّله على الورق، لايعنيني الأسلوب أو الشكل،سواء كان شعراً أو نثراً، أنا أسجل ما أعانيه باللغة العربية، وكشف الآخرون فيما بعد أن ما أكتبه “نوع جديد من الشعر” لم يكن مألوفا في تلك الفترة – نهاية الأربعينيات – وأنا لم يبهرني هذا التعريف، ولم يملأني بأي نوع من الاحساس بالذات أو التفوّق ، واعتبرت ذلك تحصيل حاصل.
حين سألته عن زمن “الغوار”.. زمن الفرار والتقوقع والاختباء، قال لي:
تلك الفترة كانت بداية الخمسينيات، وهي ما يعرف عنها تاريخيا بفترة “المدّ القومي العربي “.
كنت أرتاب في هذا المدّ، بأسلوب هذا المدّ، وليس بالمضمون، أنا لا أحبّ الغوار، وأكره الحماسة المجانية، وحماسة العراضة، وحماسة ركوب الخيل، والأناشيد على صهوات الجياد، باعتبار أنني منذ وعيت على الدنيا أحب الانسان.
في حياتي لم أكره إنسانا، أو فئة ، أو طبقة. لكن كنت أكره الظروف التي تجعل من الناس غرباء عن بعضهم، أو تجعل من مواطن ضحية ومن مواطن جلادا. من مواطن مظلوما الى مواطن ظالما. لا أتعاطف مع المظلوم وأكره الظالم، انما أكره الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أدت الى هذا الفرز اللا إنساني واللا أخلاقي.
أنا خصمي ليس البشر، إنما ظروف البشر، ولا أحد يشعر بأهمية الظروف أو بدورها مثل ابن الأرض، يعني أنا لا أتخيل البؤس البشري وإنما أعيشه.
لا أتخيّل المظالم لأني عشتها. ولا أعتقد أن الشعر أو أي فن من فنون التعبير بحاجة الى فلسفة وتنظير، وهناك صدق أو لا صدق، الكاتب الأصيل ليس هو الكاتب الأكثر موهبة، انما هو الأكثر صدقا، طبعا مع وجود الموهبة، هو الأكثر إخلاصا، لا أحب الإخلاص على مراحل!، أو الاستراحة من حبل هموم الناس، أحمل ما بدأت بحمله حتى حافة القبر، مع الأسف الكثير ممن تقدّموا لحمل هموم الناس صدقاً ترنّحت أرجلهم، وانحلّت مفاصلهم من بداية المشوار، وكل ما يقولونه فيما بعد، هو في الفراغ، لأن ظهورهم خالية من أي عبء وهم يستخدمون اللغة، وأعتقد أن بداية ما يسمونه النهوض القومي، كان يحمل في جذوره أو في أعماقه بذور الهزائم الفكرية والسياسية، لأنك مما تزرع تحصد، وعندما تزرع فجلا، لن تحصد زنبقاً. تزرع غوغاء تحصد غوغاء، تزرع كذبا تحصد أكاذيب، تزرع سجينا، تحصد معتقلات في المستقبل.
وحدثني عن رأيه في الرموز الشعرية والأدبية التي أفرزتها حقبة الخمسينيات قال الماغوط:
بداية الخمسينيات أعتبرها بداية النهوض العربي، ، لكنها كانت بداية الارهاب الفكري، أنا توقفت عند السوط أو الكرباج، عندما دخل السوط العربي محاورا، بل انه كان المحاور الوحيد، حكمت على مرحلة برمتها بأنها ستكون مرحلة مخيفة، لأن السوط والقمع مهما كانت المسوّغات والمبررات، لن يعطيك الا عكس ما يريده الله والبشرية. السوط سلاح الديكتاتورية، وهي ليست ديكتاتورية سياسية فقط، هناك أنواع كثيرة من الديكتاتوريات والتيار في الخمسينيات كان مخاضاً رهيباً للجلادين ومخاضاً للهزائم. عندما تلغي العقل، فلن تجديك عينا الانسان أو أذناه أو فمه، مهما قال هذا الفم، ومهما سمعت هاتان الأذنان، لا شيء يعوّض العقل المُلغى، والكرامة المُداسة بالأقدام.
وأذكر أنني طرحت عليه تساؤلا حول قشرة الديمقراطية في بعض أوطاننا التي لا تفرز الا الانهيار والظلم الاجتماعي والاستغلال الطبقي، بينما الديكتاتورية الثورية التي ولدت من رحم الحلم بالثورة ، هي الرمز المتاح رغم كل شيء لمرحلة المدّ القومي العربي قال:
لاشك أن فترة الخمسينيات كانت صادقة في كل شيء، ولكن الريبة مما بدأ يحدث، وأنا استوقفني ما بدأ يحدث.. الثورة من أجل من؟ من أجل الانسان، لتحرير الانسان من العبودية والظلم والجوع والقهر، فكيف يمكن أن تحرر الانسان من هذه المثالب، وتفك هذه القيود عنه بفرض قيود أفظع؟ كيف تستطيع أن تحارب عدوك بإنسان مكبل اليدين والقدمين؟.
كيف تستطيع أن تنادي بالحرية، والأجيال التي يجب أن تصنع الحرية في السجون. نصبح أمة لهوٍ، نقول شيئا ونفعل شيئا آخر. هذه هي الازدواجية. لذلك قلت لك أن الصدق قبل كل شيء، وهناك كاتب كان يقول : أفصح ما تقول القحباء عندما تحاضر في العفاف.
ولذلك أنا دائما لا أرى دموع الصياد، بل أرى ما تفعل يداه بالعصافير، وأنا رأيت أيدي الصيادين قبل غيري، غيري رأى ولكن لم يجرؤ على الاعتراف، ولذلك كانوا يسمونني في الخمسينيات “غراب الشعر العربي” ، “غراب النضال العربي”، و ” بومة القومية العربية”.
وقال لي الماغوط عن أدونيس:
أنا وأدونيس مررنا بنفس التجربة. بدليل أنني التقيته لأول مرة في عام 1955 في السجن. تعارفنا أنا في زنزانة وهو في زنزانة وجها لوجه. هو كان معروفا وأنا كنت نكرة. أدونيس أكثر مني ثقافة، لأنه تخرج في الجامعة، وأنا بترت حياتي الدراسية بسبب السجن.
ثم حدثني عن شعره:
لا تعنيني المذاهب الشعرية، لا من قريب ولا من من بعيد. حتى الآن هناك من يقول : ما يكتبه الماغوط ليس شعرا..لا أعترض. التسميات الأدبية والشعرية كالشعارات العربية، لا تضيء شيئا، المهم الجوهر وليس الشكل. ما يولد في هذا الوعاء وليس الوعاء. ربما أنقى مياه الدنيا تجدها في جرة من الفخار، وتجد ماء مسموما في وعاء من الكريستال.
أحسست بأهمية ما أكتب بالنسبة للآخرين بعد كتابتي (حزن في ضوء القمر) و ( غرفة بملايين الجدران)، وعرفت أن الكتابة نوع من النضال، ليس شرطا أن أكون جيفارا وأعيش بالغابات لأكون مناضلا، فمنذ أول قصيدة كتبتها كان هناك حوار، الشكل المسرحي لم يكن جديدا على كتابتي، حتى قصيدة (القتل) التي كتبتها في السجن كان بها حوار: أين كنت يوم الحادث؟ / كنت ألاحق امرأة في الطريق!. وحين كتبت ( العصفور الأحدب) كنت أظنها قصيدة طويلة ، لكنني أحسست أن هناك أصواتا تريد أن تدلي بدلوها فوضعت حواشي على الهامش وبدأت هذا الحوار.
وعن تفجّر ينابيع الكوميديا في حسّه الساخر، صارحني الماغوط:
أكبر خزّان للكوميديا في التاريخ هو الوطن العربي. وما على الفنان سوى أن يغرف من هذا الخزّان، وأكثر الناس ضعفا هم الكتاب والفنانون الجادّون. السخرية تجعل الفنان الساخر نصفه صخر ونصفه دموع، لا يمكن أن تجد كاتبا منحوتا من الصخر فقط، وكل من يخشى السخرية ويتفاداها هو في أعماقه ضعيف، ولا يمكن لأي شاعر أو رسام أن يكون سياسيا، إذا لم يتذوّق السخرية، فهو إنسان غير طبيعي.
خاصّ – إلّا –
مناطق الوعي المكتسب في إبداعات تشارلز بوكوفسكي اشتغلت كثيراً على ماركة التبغ والكحول. استعداده لحشو قصائده بأشياء ملموسة وعادية كان مروعاً. إنه لم يخلي على شيء حتى البارات العفنة من البيرة والبول. والغرض الذي يرفع الأشياء المتتالية المنعدمة الأهمية إلى فكرة تحزّفي الوعي, هو أساس الغيب الخصوصي جداً, والذي يميّز بوكوفسكي عن مبدعين آخرين من عصره. بالرغم من أن كتاباتهم كانت حديثة وحضارية جداً, أو بهلوانية أكثر, لا زالت مفقودة من تلك النقطة الهاربة المتواجدة بمكان ما بين القلب, أحشاء وخصيان الثور التابعة للشاعر. فكما معرفته الوصف بالدقة كيف إنساب مخموراً ومتسخاً في مجاري لوس أنجلوس, في الساعة الثالثة ما قبل الصباح هكذا لم يتورّع من غوصه في الأغوار العتيمة والأكثر قذارة في نفس الإنسان, ليجد هناك بين البؤس والشقاء والوسخ – لينتبهوا !
السبب للعيش المقولة الإيجابية النيتشية مقولة: النعم للحياة رغم أن كل الأشياء البادية على وجه المسطح تعلن العكس تماماً.
وكيفما ننظر إلى ذلك فحياة تشارلز بوكوفسكي لم تكن سهلة. إنه ولد في أندرناخ ألمانيا عام 1920. والده هنري بوكوفسكي, كان جندياً أمريكياً من أصل بولندي, وصل لألمانيا أثناء الحرب العالمية الأولى وبقي هناك إلى تزوجه من إمرأة محلية، وعام 1923 انتقلت العائلة للوس أنجلوس للسكن في إحدى الحارات الفقيرة.
فبوكوفسكي حديث السن تألم كثيراً من تصرفات والده العنيفة, ومن مظاهر (الدمل) المراهقة لا على وجهه فقط بل على كافة جسده. وبعد سنتين في الكولج تنحى عن الدراسة ليبتدأ بحياة التسول والتنقل في وسط لوس أنجلوس, ماضياً أيامه بين الحانات والمكتبات التابعة للبلدية. هناك وجد وهو طالب جامعي يبلغ الثامنة عشرة, الكتاب الذي غير مجرى حياته. “إسأل الغبار” الكتاب الثاني من رباعية جون فانتيه. وبطله أرطورو بانديني, نجل مهاجرين فقير يتسول في الداون تاون (المدينة التحتى) بلوس أنجلوس, يجتهد من أجل البقاء ويحلم أن يصير أديباً عظيماً. وهكذا يصاب بإنقلاب نفسي وذاتي يبغي أن يصبح متابعاً لمسيرة أشخاص مثل دوستوييفسكي وكنوط هامسون وهنري ميلر وف. س سالين. ليرى هدفه الأخير ككاتب أميريكي من طراز جيك لوندون وكرواك وغيرهم.
ومنذ بداية 1971 حين صدور روايته الأولى “الخدمة البريدية” عن دار النشر “الدوري الأسود” حاز على نجاحاً هائلاً. وابتدأ العيش على محاصيله من نتاجه الأدبي, الكتابة والمحاضرات والأمسيات الأدبية, التي عرفت بجميع أنواع القرف. من الشتائم, اللعن والبصق على الجماهير وحتى استعمال العنف والمشاجرات. فبدت امسياته كحفلات الروك إند رول والفانك وأصبحت رائجة ومقبولة ككل شيء أدبي رغم كل شيء. إلى أن توفى سنة 1994 وعمره أربعة وسبعين عاماً. وكان متابعاً لأسلوبه العنيف رغم الشهرة وكسب الأموال.
بوكوفسكي أثر على نخبة من الفنانين والمبدعين في شتى المجالات, أدباء, شعراء, سينمائيين, موسيقيين … وأبرزهم الممثل شون فان والأديب راييموند كاربر الذي خصه بقصيدة تمجده “ملك الأفواه البذيئة في الشعر الأمريكاني” .
ويمكننا القول: رغم يأسه وبؤسه وغيابه في ضباب الخمور, عرف تشخيص الحب ليس من الشموع ونور القمر, بل حتى من الحذاء…
وأنا فتى
أدركت أن ليس لي أين أمضي
وأبداً لن يكن
فأنا مسبقاً هناك
الآن أفهم
إني فهمتُ وقتها كل ما أمكن
فهمه.
السِّر
لا تقلق, ليس لأحد
إمرأة فاتنة, من غير الحقيقة
ولا لأحد الإمكانية
والقوة الخفية . لا أحد
يفوق الجميع, أو عجيب, أو
ساحر, إنك تتخيلهم هكذا فحسب
كل هذا إختراق لنظر, إحتيال
فلا تتقبل هكذا كلام, لا تصدقه.
الدنيا معبأة
بميلياردات البشر الذين حياتهم
وموتهم غير مهم،
ولما يبرز أحدهم
ويشرق عليه نور التاريخ
إنس ذلك, إذ هو
ليس كما تراه, إنه فقط
تمثيل يخدع ثانية
المضللين.
لا يوجد رجال أقوياء ولا
نساء فاتنات.
على الأقل بإمكانك الموت
مع هذا الخبر
وأن تنال
النصر الوحيد
المتاح.
والقمر والنجوم والدنيا
التجوال الطويل
ليلاً
إنه الأحسن
للروح:
الإمعان بالنوافذ
مشاهدة ربّات البيوت
منهكات تقاومن
بدفع أزواجهن
مجنوني البيرة
الشهر ۱٣
في تشريننا الثاني الجهنمي
العصافير مازالت تطير
أو تُغتال من قبل
القطط.
في تشريننا الثاني الجهنمي
الملأ كمون يسمعون الجرس
ويقومون بفعل
ما يجب فعله.
في تشريننا الثاني الجهنمي
كانوننا الأول يقترب
في تشريننا الثاني الجهنمي
أنزل الدرج وأنا هرم
أصل إلى الأسفل
أخرج إلى دنيا عمرها ملايين
السنين.
أنحني لملامسة قطي,
عيونه تنظر بعيوني
ومن عبر الشمس
في تشريننا الثاني الجهنمي,
كانون الأول يأتي
على كلينا
على كلنا.
فأترك القط
أدخل سيارتي
أدير المحرك
وأقود إلى الخلف
بحذر في سبيل الموقف
أنفذ إلى الشارع
نحو جموع الخلق
العائشين.
في تشريننا الثاني الجهنمي
كانون الثاني يأتي
كانون الثاني يأتي
يقترب , يقترب, يقترب
ياللوقاحة !
أتصدقون ذلك؟
يا له من شهر
يا له من زمن
ماذا؟
هشاشة الجميع في فييتنام
أصيب أمرء بظهره
بينما كان يتمسك بجلباب قس شاب
يبدو كالأنثى,
وهناك نحن معلقون
سطوع القمر
غطاء مضمون
دراجات نارية في كل شيء.
نحل قديمة.
أفواه صدئة.
طقس مشوه
ونحن ننفض عظامنا
هاهو الجلد الأعمى
والجندي يردى ميتاً,
جندي آخر مات
والآن جلباب القس الشاب
الذي يبدو كالأنثى
صُبغ بالأحمر الساحر
والدبابات
تشق دربها وتمر.
40000 ذبابة
بعدما انفصلنا جراء ريح زمنية
نعود ونتجمّع
نعاين الجدران والسقف لنرى الشقوق
والعناكب الأزلية.
نتساءل, هل ستكون أنثى أخرى
واحدة؟
الآن
40000 ذبابة تتدفق بسواعد
روحي
تغني
التقي بفتاة المليون دولار
بمتجر الخردوات
الرخيصة.
سواعد روحي؟
ذباب؟
ما هذا البراز؟
ما أبسط أن تكون شاعر
وما أبسط أن تكون
شخص.
نتذوق الجزر واليم
أعلم, في إحدى الليالي
بغرفة نوم ما
قريباً
أصابعي
ستأخذ دربها
في شعر رخو
ونظيف…
هكذا اشعار لن يبثها
ولا مذياع
الكل حزن يكشرون
للبث.
نبذة عن الشاعر ..
نشر بوكوفسكي أول مجموعة شعرية عام 1959 تبعها بعشرات المجاميع منها:
الاحتراق في الماء، الغرق في اللهيب: قصائد مختارة (1955-1973) نشرت في عام(1974)
الحب كلب من الجحيم: قصائد (1974-1977) نشرت في عام (1977)، ترجمها إلى العربية سامر أبو هواش، ونشرت عن دار الجمل 2009
سيقان، أرداف، وما خلفها(1978)،
شرارات ونشرت في عام (1983)
حرب طوال الوقت: قصائد 1981-1984 نشرت في عام (1984)
الليلة الأخيرة للأرض ونشرت في عام 1992
مكتب البريد، رواية ترجمتها إلى العربية ريم غنايم، دار الجمل 2014
ومن أعماله في القصة القصيرة:
اعترافات رجل مجنون بما فيه الكفاية للعيش مع الوحوش (1965)
ملاحظات رجل مسن داعر (1969)
حكايات عادية للجنون العادى (1972)
جنوب بلا شمال (1973)
موسيقى الماء الحارة (1983)
حكايات للجنون العادي (1983)
الامرأة الأكثر جمالاً في البلدة (1983)
أجزاء من دفتر ملاحظات ملوث بالنبيذ: قصص قصيرة ومقالات (2008)
غياب البطل (2010)
وسع في عام (1995)
بوكوفسكي / رسائل بوردي (1983)
صيحات من الشرفة: رسائل مختارة (1993)
عيش على الحظِّ: رسائل المختارة، العدد 2 (1995)
القائد خارجا ليتغدا والبحارة سيطروا على السفينة (1998)
امتدّ إلى الشمس: رسائل مختارة، العدد 3 (1999)
بصق البيرة ليلا واللعن: التواصل بين تشارلز بوكوفسكي وشيري مارتنيلي (2001)
المصدر التوثيقي: الموسوعة الحرة ويكيبديا
توطئة
النظرية الفلسفية, التعليمية لكونغ فو تْسِه (كونفوشيوس) عمرها أكثر من ألفي عام. لكنها تبدو لكل جيل وكأنها دونت من أجله. عاش كونفوشيوس في الصين في القرن الخامس قبل الميلاد. وحتى بداية القرن العاشر كانت “الكونفوشية” مذهب الدولة في الصين.
فهذه النظرية تبرز الفروض الأخلاقية (الضميرية) بين الفرد وصاحبه, بين الإنسان, والديه وأطفاله, بين المرء والدولة, بين القائد والرعايا. الحرص على عقائد العائلة, الأخلاق, إحترام الأخر, تربية الجيل القاصر, الصحابة, العقيدة والتماسك الذاتي. هم أسس هذه النظرية التي صمدت في كل الأزمنة. وقد لا تجد في التاريخ البشري من يتساوى وكونفوشيوس بعمق التفكير, نقد المجتمع والحدّة السياسية. وأساس عظمته ببساطةِ الشرح وسلاسة المعاني المفهومة لدى كل شخص.
إن الحِكَم الكونفوشية أثرت على الثقافة الإنسانية, أكثر من حِكَم كل امرء عاش في زمن آخر. لأن إنشغالها بالحاجات الإنسانية هو الأكثر بساطة, بنفس الرصانة والإهتمام كما بقيادة الدولة, وبذلك تكمن عظمته.
قال الحكيم:
حامي ذاته يستمعني
فكن وفياً لكل وعودك
أحبَّ التعليم وسر في السراط المستقيم
لا تزور دولة تتحكّمها أيدي المختلسين
ولا تسكن الدولة التي لا شرع فيها ولا قضاء
*
إن الإنسان العظيم بداية يفي
وبعد ذلك فقط يأمر
ولا ينحاز لأي طرف
*
إنتبهوا لاحترام الشباب, فمنهم
تخرج أحكام الجيل القادم
أما المرء إن بلغ الأربعين عاماً
ولم يصنع له إسماً
لا حاجة للحذر من إحترامه
*
أبداً لن أدَّرس تلميذاً لا يبغي التعلم !
*
ثمة بشر نتعلم معهم برغبة منا
لكننا لا نريد السير معهم في الطريق
ثمة بشر, مستعدون للسير معهم في الطريق
ولسنا مستعدين الوقوف معهم
ثمة بشر يمكننا الوقوف معهم
وليس لنا حديث مشترك معهم
*
إن من لا يعرف الحياة لا يدرك ما هو الموت!
*
القائد النبيل إن إضطر التخلي عن واحد
من ثلاثة: القوت, السلاح, وثقة الشعب
يتخلى أولاً عن السلاح
ثم عن القوت
أما عن ثقة الشعب, لا يتخلى أبداً
ففي النهاية كل إنسان يموت
أما فبدون ثقة بالقائد
لا يستطيع الشعب الصمود
*
صفة الصراحة التي بوركنا بها
تنتهي بالوقاحة
*
البطولة غير المحدودة آخرتها التمرد
*
أنا لا أملك كل الأجوبة
أما إذا أكرمني بشر بسؤال
عن إستشارة وطلب مساعدة
أفكر ملياً. ثم أجتهد لأجد له
الجواب
*
على المرء النبيل والثري التوجه
لإستشارة الضعيف والأفقر منه
إذ عليه التظاهر وكأنما ثروته قليلة
والأساس ألاّ يذل الأخرين
*
على الإنسان المحترم الحرص على ثلاثة
أن يشهد منظره على الإستقامة والدقة
أن يتكلم بهدوء ودون غلاظة
وأن تظهر مساواة ثغره وقلبه
*
إن كان الشعب مكتفياً بحصته
فالملك أيضاً لا ينقصه شيئا
وإن كان الشعب يبات على النقص
لن يتمكن الملك الملذة أكلاً وشرباً
*
بدل التأسف على عدم الإعتراف بمعاليك
أحسن لك الخشية من عدم إعترافك
بمعالي الآخرين
*
على الذي يريد تعلم الموسيقى
بداية تعلم الأغاني, وثم
تزويد علمه بالعادات والتقاليد
وأخيراً, يتعلم الموسيقى أيضاً
قال لي : بعدين خاتم المرسلين عمرانية مش هرم ، قلت له : قف على اليمين فوقف فتحتت يدياي ورفعتهما للسماء وقلت لنفسي مونولوجا داخليا , يشبه كل جنون شخصيات شكسبير والتفتّتُ إليه وقلت له، قل آمين فقال .
ثم تابعتُ مستطرداً وصامتاً ومغمض العينين، خذني إلى طريق مصر الاسكندرية الصحراوي وفي الطريق احضر كل الأخوة، وقليل من الزعفران والطيب أيها الأخ , وصلنا وكان لفيفٌ من الاخوة يتبعنا مع راياتهم وسيوفهم وخناجرهم , قلت لهم اتبعونا أيها الاخوة ففعلوا إلى أن توغّلنا في عمق الصحراء , قلت لهم تطيّبوا ورشوا قليلاً من الزعفران على الأرض أيها الأخوة بصوت عالي وكأنني في مسرح روماني عتيق ففعلوا . فقال لي قزم من الاخوة ما أنت فاعل بنا أيها الاخ . فأجبت اشهروا سيوفكم وتدربو كثيراً إلى أن أعود وعندما أعود ستأتي البشارة معي وسأجلب لكم طريقا خاصا للفردوس المنشود . والآن عليي أن اعود . فقال القزم إلى أين أنت ذاهب أيها الأخ ؟؟
فقلت إلى خاتم المرسلين فتعالت الأصوات والصلوات والتكبيرات . وتداخل صوت يئنّ من بعيد و غبت عن الوعي لأصحو على من أنا لأقول لكم ما أقول لكم الآن؟
أمشي – أهرول – أركضُ – أصعدُ –أنزلُ, أصرخ , أنبحُ, أعويُ, أنادي , أولولُ , أسرعُ , أبطيءُ, أخفُ, أجفٌ , أرى ,لا أرى , أنشقُّ, أجهشُ, أعطشُ, أتعبُ, أسقط , أنهضُ, أركضُ, أنسى , أتذكّرُ, أسمع ,أبصر , أهذي, أهلوسُ, أهمسُ, لا أستطيع , أئنُ , أجنُّ , أضلُّ , أقل , أسقط , أعلو, وأهبط , أدمى ويغمى عليً من جديد.
بالتأكيد هي جزء من رائعة محمود درويش ” لاعب النرد ” قالها أحمد ميرعي (ممثلا) أنا هنا أحضر عرضاً مسرحياً للكاتب سعد الله ونوس “جثة على الرصيف والتي لا أحبّها كنصّ لمباشرتها، وهي من أولى نصوصه ولكن ما علاقة درويش بنص ونوس ؟
عندما قال.. بمجرّد سماعي لآخر جملة أدمى ويغمى عليي , أدركت سريعاً بأنه ربط زكي , لحسام جدعو “المخرج “لجثة على الرصيف ” متروكة مدمّاة تئن , وبما أن للمسرح شرطيته عبر أدواته وفرجته ” فعل ورد فعل ” وثمّة عرض وفرجة وجمهور أردت أن أنفّذ تعاليم بريخت، بجلبي لرأسي معي، لمقعدي، للتفكير، والاستمتاع بهذه الشرطية، وممّا يفيد هنا بأن ونوس طالب بها في جلّ أعماله لتأثّره ببريخت بنصوصه الأولى , وهذا ما حقّقه لي العرض ,
وبما أن الوجودية كمذهب فلسفي تصرّ على أنّ الإنسان حرّ شاء أو لم يشأ , لأنه يدرك معنى المصير والصيرورة والاختيار والحرية , كونه يحقق ماهيته من خلال وجوده ” حسب سارتر ” في نص ونوس وعرض جدعو، لا معنى لهذا المذهب الفلسفي فالإنسان غير حرّ رغم إصرار جدعو على وجودية عرضه لتنقسم شرائح شخوصه إلى مستويات ثلاث رئيسة هرمية وكأنها معادلة كميائية بصرية ” جثة – حارس – سيد “مال”
ولكن المال هنا مختلف. وربما ذهب الكاتب سعد الله ونوس مع * “ألبير كامو ” بمفهومه عن العبث حيث نجد بأن عبثية فهم الاختيار والحرية بالنص” العرض ” فالمال يشتري الأموات وليس الأحياء .
ربما نعود لرواية * سارتر ” الغثيان ” هنا القرف من سلوك “السيد المال” قد أوصل نص سعد الله ونوس والعرض إلى هذه الفلسفة الخاصة
مسرحية جثة على الرصيف – أكاديمية الفنون بالقاهرة كان عرضاً بصرياً مريحاً للعين , قريباً من العقل .
أما الأخوة لن أعود إليهم، وسأتركهم بالصحراء وسأعين القزم “قلة ” أميراً عليهم , أما أنا سأعود للمسرح مجدداً بعدما تداخل الحلم بالواقع حين أصادف مرّة أخرى من يسألني بتهكم وربما باشمئزاز..
هل أنت قبطي وسأرد عليه أنا سوري
تحيا قُبُط ” مصر ..تحيا سوريا بجميع أطيافها.
خاصّ – إلّا –
في خضمّ الأوضاع السياسية والاجتماعية الصعبة التي يمرّ بها الوطن، والتي ترخي بثقلها على كاهل اللبنانيين المتعطشين للفرح والسلام والأمل، التقى عدد كبير من الفنانين التشكيليين، من لبنانيين وعرب (140 فناناً)، في عاصمة الجنوب صيدا تلبية لدعوة أطلقها إبن صيدا الفنان التشكيلي زاهر مهيب البزري.
حمل السمبوزيوم عنوان قلعة صيدا البحرية التاريخية حيث كان من المفترض أن يتمّ النشاط داخل القلعة، إلا أنّ وزارة السياحة رفضت الأمر لأسباب نجهلها، قد يكون أبرزها المحافظة على نظافة المكان وسكونه من ضجيج الفنانين وألوانهم، فكان البديل المباشر افتراش زاوية محاذية لمدخل القلعة تلامس مياه البحر الدافئة والهادئة.
ضاق المكان بالفنانين المشاركين ، الأقلية من المحترفين وطلاب الجامعات والأكثرية من الهواة، الذين احتموا من أشعة الشمس القوية تحت ظلال خيمتين نصبتا في المكان على عجل، فتكدّس الفنانون كالأسماك التي جاورتهم في حضن الأزرق.
فنانون آخرون افترشوا رمال الشاطىء مع لوحاتهم كما يفعل السابحون ممّا جعل هذا السمبوزيوم مميّزاً وساحراً. إحدى الفنانات علقت لوحتها على حجارة الحائط الذي يسند الطريق نحو القلعة، وقد وقفت في المياه كصياد سمك، رامية شباكها اللونية فوق بياض لوحتها محاولة اصطياد شكل ينبع من ضربات ريشتها وملوانتها. بينما قمتُ أنا وزوجي الفنان يوسف غزاوي وصديقتي الفنانة دارين جابر بالتخييم أسفل الأقواس التي يمرّ فوقها مدخل القلعة، تجاورنا الفنانة بادرة البابا التي عملت على وضع ألوان السيراميك والفيتراي على بعض الأوعية الزجاجية وأشياء أخرى بزخرفة جميلة ملفتة.
إحتلّ شكل وموضوع القلعة القسم الأكبر من أعمال الفنانين الآخرين حيث قام كل فنان بترجمتها بناءً لرؤيته وأسلوبه ومفهومه الفني حيث تعدّدت الأساليب من واقعية وتشخيصية حرّة ورمزية وتجريدية…
الفنانة دارين جابر استعملت بعض الرموز والمساحات اللونية التي غلب عليها أشكال الورود واستدارتها كمن يُقدّم باقة لتلك المدينة الوادعة الجميلة.
الفنان الدكنور يوسف غزاوي طغى على عمله أزرق ما وراء البحار، وقد ظهرت في أحد الأمكنة القلعة بلون المغرة الأوكر كضوء أو كجبل جليديّ يظهر في مساحة الأزرق ذي اللون الواحد.
قام عملي على اللعبة الخطيّة التعبيرية كنوع من الكتابة التجريدية حاكيتُ فيها قصّة القلعة وصمود هذه المدينة الجنوبية التي تعشق المتوسط وأسماكه وأمواجه.
خاصّ – إلّا –
القانون المعروف من أن لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه . سأقدم فيه رد الفعل على الفعل لكون ما سأطرحه يختص بالثاني لا الأول ، ولكن ليس ذلك الرد الذي أجازته القوانين الإلهية أو تلك الوضعية بل رد الفعل الذي لا تتحكم به مبررات الفاعل أو ظروف الزمان والمكان والأسباب الناتج عنها الفعل فقط بل أحيانا مشاعر المرء أو القوم حينما تتّحد تجاه فعل وفاعل معينيَن وان تفرقوا في أفق استقرائهم لما يحيط بهم ، والطامة أن الرد لا ينعكس إيجاباً لتطوير أو توحيد مواقفهم الأخرى ولا يمت لتدعيم وحدتهم بصلة حتى لو كانت الايديولجية واحدة وذلك لاختلاف الروئ وتناقض القراءات مما يجعله مدعاة لتكريس صورة سلبية ترسم عنهم ، وينعكس رد الفعل ويتطور ليشمل في كثير من الأحيان كل من تفاعل بالإيجاب مع الفعل أو مع من صدر منه الفعل دون النظر لأسباب ذلك ودون التوقف عند الروابط والقواسم المشتركة معهم ليكونوا ضمن الرقعة الجغرافية التي شملها رد الفعل ، ولعل العامل السايكولوجي له اليد الطولى في ذلك مما يؤثر على رسم الصورة الحقيقية لكل من تعامل بالسلب أو الإيجاب مع الفعل نفسه .
لقد أخذ مخططو السياسات المعادية للإسلام بمختلف مشاربهم ذلك بعين الاعتبار خلال رسمهم لإستراتجياتهم في المنطقة العربية والإسلامية محاولين في ذلك تحقيق أهدافهم التوسعية وبرامجهم العدوانية التي من أولوياتها إبعاد الفرد المسلم عن مبادئ الإسلام الحنيف وتشتيت صفوف الأمة الإسلامية وجعلها دويلات متناحرة وتجمعات تسودها شريعة القوة أي بصريح القول العودة بالأمة إلى مرحلة ما قبل الإسلام ، وللأسف الشديد نجحت تلك السياسات المعادية في ذلك نجاحاً كبيراً يتخوّف منه مستقبلاً على علاقة العرب أو المسلمين فيما بينهم والشواهد كثيرة إن كانت في الشرق أو الغرب من المنطقة ، وما الحروب التي حدثت والتشنجات فيما بين الزعامات العربية والإسلامية بين الحين والآخر والتنافس المحموم بين أجهزتها الأمنية والإعلامية الرسمية منها وغير الرسمية إضافة إلى ما تساهم فيه وسائل الإعلام المعادية بين مختلف الحكومات العربية والإسلامية من تصعيد واستنفار وتشجيع لثقافة الكراهية والعداء إلا نتائج لما ذكرناه سواء كانت معلومة لمن صدر عنهم رد الفعل كأدوات التنفيذ التي تتخذ من الدين تارةً والقومية تارةً أخرى ستاراً ومبرراً لأفعالها أو بقصور في الإدراك لديهم بما يحيط بهم وهو ما يتمتع به الأغلبية من الرأي العام العربي والإسلامي أو تنفيذاً لبرامج أسيادهم بعدما رتعوا في مستنقع الخيانة ونبتت من نتانته لحومهم فكست عظامهم وهم البعض من وعاظ السلاطين وقادة المنطقة ، وقد استطاعت تلك السياسات لأعدائنا من أن تضرب بذلك أكثر من عصفور بحجر واحد حيث قتلت في الإنسان المسلم العربي روح التعاون والألفة والأخوة الإسلامية ( إنما المؤمنون أخوة ) من خلال إيصاله إلى حالة أصبح لا يعير فيها أهمية لقضايا الأمة المصيرية ولا يهتم سوى بشؤونه الداخلية ويقف موقف المتفرج لما يجري على أبناء جلدته ناهيك عن رغبته في المساهمة في إذلالهم وسحقهم وعدم منحهم فرصة الوقوف على أقدامهم مما يعني انه قد وصل لدرجة اكبر مما كانت تتمناه وتطمح إليه المخططات المعادية بل وصل الأمر لمرحلة عدم الاهتمام بمكونات البيت الواحد في بعض الدول العربية من خلال إشاعة ثقافة الطائفية والعنصرية التي استخدمت فيها أدوات معدة سلفاً لما تمرّ به الأمة من تفرقة وتشتّت كالقاعدة وما انضوى من متشابهاتها في المضمون والغاية وإن اختلفت العناوين التي حرص صنّاعها على أن تكون إسلامية المعنى ليواجهوا بها المد الإسلامي الحقيقي لقناعتهم بعدم القدرة على مواجهته فكرياً وعلمياً وكذلك وأد أية صحوة حقيقية من الأمة الإسلامية حتى لو تأتي متأخرة تحت يافطات الإرهاب والديمقراطية ولترسيخ صورة مشوّهة عن الإسلام والمسلمين، رسمتها مخطّطاتهم السابقة وساهم في تكريسها لدى الشعوب الغربية والحمقى من شعوب المنطقة النفر الضال الذي لا يفقه من الإسلام سوى اسمه ، وما نظرة التعالي وعدم الاهتمام ومشاعر الكراهية والعداء عند بعض شعوب المنطقة للبعض الآخر سوى ثمار تلك المخطّطات التي نفّذت في سنوات القرن المنصرم ، ولا نهاية لما نحن عليه نتيجة وقوعنا في فخّ أعداء الحجاب، إلا بالعودة إلى تعاليم الشريعة السمحاء التي أكدت على أنّ ( المؤمنون بعضهم أولياء بعض ) وأوضحت على أن ( من بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ) من خلال تنظيف قلوبنا وعقولنا مما لعق بها من درن الابتعاد عن تعاليم الحق وكما أوصانا النبي الأعظم (ص) بقوله ( تنظفوا فإنّ الإسلام نظيف ) ولندع من يأخذ القول بظاهرة على عماه …وللحديث بقية.
خاصّ – إلّا –
تحرير سنجار ( شنكال ) على يد قوات البيشمركة كانت القشّة التي قصمت ظهر البعير وأظهرت للعالم أجمع أن تنظيم داعش الارهابي الذي صنع لنفسه هالة مزيفة من القوّة ما هو إلا تنظيم متهريء قابل للقضاء عليه إذا ما وضعت خطط عسكرية محكمة من أجل إنهائه وتوفّرت ظروف سياسية تسامحية بين الأطراف الحكومية والحزبية والكتلوية لتجميع ما تبعثر من أواصر الوحدة في غفلة من التاريخ الحديث للدولة العراقية، فهذا التنظيم نشأ من رحم الخلافات والمهاترات وانسرب من الشقوق الكثيرة التي أحدثتها صراعات ساستها على السلطة والقوة، هذا التنظيم الذي جلب معه الموت والدمار لكل ما يمتّ للحياة بصلة، وأحدث نوعاً من الفوضى في المنطقة كانت نتيجتها تشريد آلاف مؤلفة من العوائل الهاربة من جحيم الموت إلى مختلف أصقاع الأرض بحثاً عن الأمن والسلام. أن تحرير قضاء سنجار ( شنكال ) على يد البيشمركة لم يرهب الدواعش فحسب بل امتدّ هذا الخوف ليصل ميليشيات وجدت حديثا في الساحة العراقية، هذه الميليشات الطائفية التي انتجتها معارك الاستنزاف بين تنظيم داعش والجيش العراقي هذا الجيش الذي لم يكن له حضور يذكر في ساحات الحرب، بل أظهر ضعفاً كبيراً في قوته القتالية وترك أبواب المدن ( الموصل وصلاح الدين والرمادي ) مفتوحة على مصراعيها ليدخل منها التنظيم دون عناءً يذكر وهذا الأمر معروف لدى الجميع، وحصل ما حصل، فانتبه البيشمركة إلى حجم الخطر المحدّق بهم ودرس الوضع الاجمالي لمختلف الأطراف المتصارعة ورأى أن هناك الكثير من الجهات تحاول بلع أقليم كوردستان، ووأد التجربة الناجحة التي أوصلت الأقليم إلى مصاف دول ذات سيادة تنعم بالسلام والرخاء والبناء، وبالرغم من كل المؤامرات المحدّقة به فقد استجمع تاريخه وقواه ودافع باستماتةٍ عن وجوده على طول الحدود الفاصلة بينه وبين الأضي المحتلة من قبل تنظيم داعش الإرهابي وشكّل تحالفات مع الدول الكبرى بما فيهم ( أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واستراليا وكندا) وغيرها من الدول المشاركة في التحالف الدولي الذي يحارب الإرهاب في المنطقة وبالرغم من قلّة إمكانياته في العتاد والأسلحة الحديثة المتوسطة والثقيلة إلا أنه استعاد مئات الكيلومترات التي كان قد احتلها تنظيم داعش وحرّر المئات من القرى والقصبات في كركوك وزمّار وسنجار وربيعة وغيرها، وأخيراً استطاع تحرير سنجار ( شنكال ) خلال مدّة وجيزة بعد أن جهّز وخطط وأعد العدّة وهيأ مستلزمات الانتصار جميعها، وضرب ضربته القاصمة التي جلبت النصر على طبق من ذهب وليس هذا فحسب فقبل أشهر كانت كوباني المدينة الكوردية الموجودة في سوريا، تحت رحمة داعش حتى قرّرت حكومة الأقليم إرسال قوّة نظاميّة من البيشمركة إليها لتساند وتشارك في عملية تحريرها وهناك أيضا كان النصر حليف البيشمركة الأبطال.
هنا شعر بعض الساسة العراقيين وبعض قادة الحشد الشعبي بتنامي قوّة البيشمركة شيئاً فشيئاً، ( للعلم فأن البيشمركة هي قوّة قتالية منظّمة معترف بها في الدستور العراقي ) وأصبح العالم أجمع يشيد بهذه القوّة في موقفها تجاه الحرب ضدّ الإرهاب وأصبحت القوى العالمية تعتمد عليها في المنطقة، فشعر بعضهم بضرورة محاربة البيشمركة وإضعاف قوّته خوفاً من مستقبل المنطقة وخوفاً من توفر الظروف الملائمة لإعلان استقلال كوردستان مستقبلاً، وهذا مايفسر الاشتباكات التي حصلت بين قوات من البيشمركة والحشد الشعبي في قضاء “طوزخورماتو” في نفس يوم تحرير سنجار ( شنكال ) وهذه لها دلالات خطيرة وإشارات يجب الوقوف عندها كثيراً إذا ما قرأنا الأحداث وتأملناها واستنتجنا منها ماسيؤول إليه الأمر في المرحلة التي تعقب تحرير مناطق العراق المحتلة من قبل تنظيم داعش الإرهابي.
والسؤال الذي يفرض نفسه هل سنشهد صراعات ومواجهات بين قوات الاقليم والحشد الشعبي بعد عمليات التحرير؟
هذا ما لانتمناه فبكل الأحوال يجب أن نتعلّم كيف نتعايش مع بعضنا البعض، بدون إراقة المزيد من الدماء، وهذا ما يجب أن نفكّر فيه ونجد حلولاً سلمية له، ونستفيد من تجاربنا السابقة في هذا الشأن، فبالسلام وحده يحيا الإنسان وتعمّر الأوطان وتزدهر وتزهو.
** كردستان – العراق
خاصّ – إلّا –