Home قنـص إلّامن هنا وهناك ابن عربي في عيون لبنانية

ابن عربي في عيون لبنانية

by رئيس التحرير
مروة كريدية/ كاتبة وصحافية لبنانية – الولايات المتحدة الاميركية – كاليفورنيا

نعم هذا ما حصلَ حرفيًّا منذ 33 عاما فخلال الحرب اللبنانية سافرنا إلى دمشق ريثما تهدأ الأوضاع الأمنية ونعود إلى بيروت ..وفي أحد الايام كنت في سوق الجمعة القديم وتعبت فأردت ان استريح فدخلت اول جامع وجدته امامي حيث مقام الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي لتبدأ رحلة عشق سوريالية لم تنته…
..عواصف النسيان

تَتهادى فِي مَشيتِهَا وكَأنَّهَا عَلى جَنَاحِ النَّسيم حُمِلَت، فِي وَجهِ الشَّمسِ تُحدّقُ، أطلَقَت يَداهَا وفَتحَت كَفَّيهَا علّ كلّ ذرّةِ ريح تُلامس خَلايَا قَلبِها، فامتَزجت روحَها بِنَفحَة علويّةٍ أسكَرَتهَا مَحبّةً وجمَالا وحرّيَة .

جَيبهَا خالٍ إلا من قروشٍ مَعدُودَةٍ. تَمشِي إلى حَيثُ لا مَكَان. لا أصدقاءَ لديها تَطرُق بَابَهم ، ولا حبيبٍ بشريٍّ عِندَها تَتَوجَّه إليه، ولا قريِبٍ لَهَا تَقصِده.
تَتحرك بِفطريّة كطائرٍ مُهاجر؛ حالتها الوجدانِيّة أنسَتتها لهيِب تموز وحرّه الشَّديد وَلَسعَات أشعة الشمس المصلوبَة في كَبِدِ السمَاء؛ تَعبُر الأحيَاء القَدِيمَة وتَمرّ بالبَاعَةِ وأطيَاف المُتَجَوّلِين، فَلا تَرَى ولا تَسمَعُ، وكأنّها رُوح طَيرٍ طَافِيةٍ تَسكنُ غَيمَةً رَبيعيَّةً وَقَفَت عِندَ تُخُومِ فَريد الدّينِ العطَّار “حيث “لا شَرقَ وَلا غَرب”، وَمِن فَلسَفَةِ الرِّيحِ تُفَارِقُ سِربهَا فَتَدنُو من أصْفَى مَنبعٍ للمعَانِي.

ترانِيم تنبَعِثُ مِن قلبِ السُّوقِ القَدِيم تُعلِنُ انتصَافَ النَّهَار، ومن مِئذَنَةٍ عتيقَةٍ يَترنَّم صَوتٌ أزَليٌّ يُلامِسُ قَلبها فيَصَعقُ روحَهَا.

وَدُون وَعيٍّ نحو القطبِ تُجذَب، فَتجد نَفسَهَا أمَامَ قَلبِ شَيخِ العَارفِين الأكبر النَّابِضِ فِي دَائِرَة العَرضِ والجَوهرْ .

لَم تَكنِ الصَبِيَّة فِي رَبِيعِهَا الرَّابِع عَشَر تَعلَمُ عَن حَكِيمِ الأندلِسِ شَيئًا، وَلا تُدرِكُ مِن فَلسَفَة الوجُودِ مَعرِفَة، ولا تَعرف عن الحكمَة أمرًا، بَيدَ أنَّ طُوفَانَ الوَجد اجتَاحهَا بترجمَانِهِ، وعِندَ ذَاك المَقَامِ اكتَسَحهَا بِعَنقَائه، وَكجَوهَرٍ سَدِيمِيٍّ اخْتَرَقَتْهَا رُوح صَاحب الكبريِت الأحمَر!

تَنْزَاحُ الحُرُوفُ وتَختَفِي النُقط، يَفْرَغُ ذِهْنهَا فَتغِيب…
تَفنَى فِي الجَمَالِ وتَغرَقُ فِي صَمتٍ مُطبِق وَ سكِينةٍ خَالِدةٍ حَيثُ لا اتّجَاهَ وَ لا زَمَن وَلا كلمَة ولا شُعور…..
و بِنُورٍ سَرمَديٍّ بَاهِرٍ تَغمرهَا مَحبّة عَاتِيَة حيث الجوهر اللازمني والبراءة التَّامَة …
فَتَغِيبُ تدندن بِكلمَاتٍ :
كَمَا الاعصَار أعشَقُكَ
أَطِيرُ إلَيكَ اليَومَ
وَ مِن شَمسِي أرْحَلُ بَعدك
فَيَا لَهَفِي عَلى وَجْهٍ بِالنُّورِ فَاجَأنِي…
فَأفنَى عَنِّيَ القَمَر
وفِي بَحْرِ الشَّهَادَةِ ذَوَّبَنِي مَرَّتَيْنِ
بِالأولَى كُنْتُ وَجْدًا ….
وَمرة عَانَقَ روحي القدر
انمحى الزمان عن قلبي
و بمنطق الطير عبر
سَأعزف سرّي مواجدًا …
أيا حبيبا تَرَفَّق بِي كَي أَتَحَرَّر
رُبَّما اليَومَ ….لِعَلِيم السِّرِّ كَلِيم
يَحُولُ بَينِي وَ بَيْنَ حيرتي
فقَلبي من فرطِ العِشقِ تفطَّر!
**

You may also like