Home لـوثـة إلّاأدب “مرتفع جبلي يقود إلى السماء” توماس ترانسترومر  1931-  2015  Tomas Transtromer

“مرتفع جبلي يقود إلى السماء” توماس ترانسترومر  1931-  2015  Tomas Transtromer

by رئيس التحرير

 

??? ???? 2

فرج بصلو / شاعر ومترجم سوري – ليتوانيا

 

ليلة شتوية

 

العاصفة تلصق وجهها بالدار

وتنفخ لتصدر رنيناً.

نومتي ليست هادئة. إنني أدور, أقرأ

بغموض العيون خط العاصفة

الشاعر السويدي الكبير ترانسترومر

لكن عيون الطفل كبيرة في الظلام

والعاصفة تنتحب للطفل,

كلاهما يحبان مصابيحاً متقلقلة.

كلاهما في منتصف الطريق إلى اللغة.

للعاصفة أيدٍ وأجنحةٍ طفولية,

القافلة تجري إلى لافلند

والدار تجلي حظها بكواكب المسامير

التي تماسك جدارها

ترانسترومر

الليل ساكن على سطح أرضيتنا

( هناك جم الخطوات المتقلقلة

ترتاح كالأوراق الغاطسة في البركة )

ولكن الليل في الخارج جامحاً !

ترانسترومر ولحظة تأمّل

على سطح الدنيا تتدحرج عاصفة خطيرة جداً

تلصق ثغرها بنفَسنا,

تنفخ لتصدر رنيناً, إننا نخاف

فالعاصفة ستنفح لحتى تفرغ. !

 

قمم

 

متنهدة تبدأ المصاعد الصعود

في دور طوابقٍ قابلة للكسر كالخزف

سيكون يوماً حاراً في الخارج على الإسفلت,

الإشارات غمّضت جفونها.

البلد هي مرتفع جبلي يقود إلى السماء.

قمة بعد قمة, دون ظلٍ يعتبر.

إننا نتابعك طيراناً

عبر شاشة الصيف الواسعة.

ترانسترومر ودائما حيث أقاصي الأفق

وأثناء الليل أتمدد كالسفينة

تمددت أنوارها, في البعد الصحيح

من الواقع وبينما العمال

يحتفلون في الحدائق العامة, هناك في اليابسة.

 

إلى الأصحاب من خلف الحدود

 

-1-

كتبت إليكم باختصار زائد, ولكن ما لم يتاح لي كتابته

إنتفخ كمنطاد من أيام غابرة

وأخيراً مضى على مسطح السماء الليلية.

 

-2-

الآن, الرسالة عند الرقيب. إنه يعْلِق المصباح.

مفرداتي تقفز بين أنواره كالقردة على القضبان,

تهزونها, تستريح للحظة, وتكشف الأسنان !

 

-3-

إقرؤا بين السطور. سنلتقي بعد 200 عام

لما تُنتسى المكبرات داخل جدران الفندق

ويسمح لها أن تنام, لتصبح أحفورة أخطبوطية.

 

 

في أغوار أوربا

 

إنني سفينة مظلمة تطفو بين مزاليج السّد

أستريح بسرير الفندق والمدينة تستيقظ حواليّ.

ضجيج خافت وضوء رمادي يتدفقا إلى الداخل,

يرفعاني درجة: إلى الصباح.

ترانسترومر الارتقاء بالحرف

أفق يصتنت. الأموات يرغبون التحدث.

يدخنون ولا يتناولون الطعام, نفس يتنفسون وصوته مُصان.

بعد قليل سأعبر في الشوارع كواحدٍ منهم.

كاتدرائية تسوّد, ثقيلة كالقمر, بحجة المد والجزر.

 

خربشات نارية

 

في الأشهر الكئيبة توهجت حياتي

فقط حينما حَبَّيْنا,

كمثل يراعة تضوي وتنطفي, تضوي وهكذا,

لنتمكن متابعتها بومضات

في عتمة الليل بين شجر الزيتون.

ترانسترومر وسطوة العمر

في الأشهر الكئيبة جلست الروح متمسكة بذاتها

عديمة الحياة

لكن الجسد إستقام إليكِ.

سماء الليل ثغت.

حلبنا الكون خلسة ونجونا.

 

توماس ترانسترومر       1931-  2015    Tomas Transtromer

ولد الشاعر السويدي الكبير توماس ترانسترومر عام ۱۹۳۱ في استوكهولم بالسويد, لوالدة مدرسة ووالد صحفي. وبعد طلاق والديه وهو لا يتجاوز الثالثة من العمر, عاش وحيداً لأمه. وفي سيرة حياته: الذكرايات تراني” عام ۱۹۹۳. يروي بأنه منذ صغره أراد أن يصبح عالماً. اما فدراسته الجامعية تضمنت الأدب, علم النفس والأديان. وعند نهايتها, عمل خلال خمس سنوات كطبيب نفس في سجن الشبيبة. وثم خمسة وعشرون عاماً في المؤسسات البلدية بنفس الوظيفة. وهذا يتجلى في بعض قصائده بقوة. وكان أديباً ومترجماً, نمط كتابته معروف, مؤثر ومحبب في بلاده والدنيا. وترجمت أشعاره إلى 50 لغات.  

بمضي السنين حدد كأكبر شاعر في السويد, وفازت إبداعاته على جوائز عديدة. وأهمها جائزة نوبل. وإثرها قال عنه السكرتير الثابت في الأكاديمية السويدية, بيتر أنغلوند “إن ترانسترومر معروف بكونه “مبدعاً ماهراً للإشتبهات. فنان, مجازاته معترف بها في سائر بلاد الدنيا. وهي تبَسط لنا العالم, لتجعله أكثر إتاحة“.  ويعتبر ت. ترانسترومر  أكبر شاعر بلاده في منتصف القرن العشرين. ومن أعظم شعراء أوربا كلياً. منذ صدور كتابه الأول “۱۷قصيدة“- عام ۱۹٥٤,  وضع  بصمة قوية في أعماق الشعر السويدي. وكان أثرها عظيماً.

مشاهد الطبيعة في بلاد الشاعر, السحر الغريب, الشمالي, فاعل في القصائد بكامل قوته: تثير هذه الطبيعة مذاقاً مشابهاً لما يتصاعد حين القراءة من إبداعات إبسن, هامسون وسيركا طوركا. الثلج, الغابات, الشتاء الطويل, وطبعاً- البحر المحيط بأشعاره كمثل الجزيرة التي عاش فيها.  البعض من أجمل تشابيهه  مأخوذة من هذه الأثار : “أتمدد ليلاً كسفينة // أطفأت أنوارها, في البعد الصحيح // من الواقع, بينما الطاقم // يحتفل في الحدائق العامة, هناك على  اليابسة”.  وفي مكان آخر: إنني سفينة مظلمة تطفو بين مزاليج السّد // أرتاح في فراش الفندق والمدينة تصحو حواليّ”.    

لن أموت لأنني أعزف

ففي عام 1990 أصيب ترانسترومر “بجلطة في رأسه”, وعان من خلل في التكلم, وعجز بيده. لكنه عاد للكتابة بعد ثلاثة أعوام.  مرضه لم يضر بنجاحه. وبعد الجلطة نشر سيرة ذاتية “الذكريات تراني”, وواصل نشر دواوينه. آخرها صدر عام 2004 وترجم للغات عديدة.  

بما انه كان عازف بيانو قبل مرضه, عزف شكره مساء تسلم الجائزة في إحدى الكنائس العتيقة بأورخيد. عزف فقط بيده اليسرى – العضو الوحيد الذى نجا من المحنة. “لن تموت إذا تعرف العزف”, كتب كمتنبيء في أحدى قصائده المبكرة. أصدقاء موسيقيون من اللذين صدقوا هذا السطر واتخذوه على محمل الجد (من بينهم عازف الساكسوفون النرويجي يان غربرك) كتبوا له مؤلفات لليد اليسرى. أنقذته الموسيقى من الكآبة العميقة التي غط فيها, وهذا يدور بديوانه الهايكو  “مركب الحداد”, من تدوين تلك الفترة. “الموت ينحني / عليّ, مشكلة شطرنج / يحلها”. أو “روح الإله من وراءنا ./ طلقة هادئة – / منام طويل جداً”. او ” اختفت الشمس. / زورق جرار يفتح // عيون كلب البلدغ.

فحتى السويد موصوفة في أحد الأشعار ك– “سفينة علت للشاطىء وطويت أشرعتها, صواريها حادة على خلفية شفق المغيب”. جم البحارة الميتين يبعثون أحياءً في قصائده. “يختلسون الحدود”,  حسب قوله . سفن تغرق, ملاحين, قباطين , جميعهم أصحاب مقربون, يصعدون للشاطيء ويختلطون بضجيج المدينة. ففي قصيدته “الربان المنسي” يصف موت الربان باسطر عجيبة: لقد توفي من نزيف بكاء باطني / في مستشفي بكارديف. / أخيراً أتيح له أن يتمدد // ويغدو أفقاً.”

قوتان أساسيتان تشتغلان في أشعاره: من طرف واحد الثقل الذي يجر إلى الأسفل – اليأس, الموت, الأرض – ومن الطرف الآخر النعمة الدافعة إلى الأعالي, وأهمها الإبداع, الموسيقى, والحلم. “على الطريق إلى الدار أرى فطراً بنفسجياً // ينبثق من العشب. // أناملاً تتوسل لمساعدة تابعة لمن // خنق بكاءه مدة طويلة هناك تحت الأرض // نحن مِلك الأرض”. وفي أحد أشعاره نجد, الأرض هي ذات إتجاهين: لأكثر من مرة تمد النباتات أياديها للمساعدة, أما نحن, من ناحيتنا, قادرون على النظر إلى داخلها, لأن البحيرة هي “نافذة نحو باطن الأرض”. لكن الممتع أكثر من الثقل هي نعمة ما ينبت منها. فالشعر يضخ من الموسيقا إمكانية التحليق, ومع ذلك, كمن تخلص من الحِمل الفائض للكلمات ليغدو خفيفاً ومكتفياً بالهام فحسب. “أدرك- بلا إحصائيات – إن بالظبط في هذه اللحظة , شوبرت يعزف // في إحدى الغرف على مسافة, ولأجل أحد, هذه الأنغام الأكثر حقيقة من كل شيء”.

وفي خمسينيات القرن الماضي زار الشاعر الولايات الأمريكية المتحدة, فراسل الشاعر الأمريكاني روبرت بلاي الذي تقبله بلهفة. رغم أن آرائه السياسية لا مكان مركزي لها في قصائده, عرف بامتلاكه إنسانية معلنة. وأصبح على صداقة متينة مع بلاي ورسائلهما لبعض نشرت في كتاب تحت المسمى Air Mail. وبلاي الأمريكاني أصبح أهم مترجميه  إلى الإنجليزية, ومن بين الآخرين روبين فولطون, وأديب البلوز المشهور صموئيل شرطر.   

من أهم الجوائز التي حصل عليها جائزة بونيير  (Bonnier) للشعر, جائزة نويشتادت (Neustadt) العالمية للآداب في ألمانيا, والجائزة السويدية من مجلس الشعر العالمي.  وبعام 2004  حاز على جائزى نونينو العالمية.  خلال-2007 منح جائزة تقدير واعتراف من إدارة غريفين  (Griffin Trust) لإمتيازه الشعري. والذروة في – 2001 حيث فاز بالنوبل.

 

من مؤلفاته:

17 dikter‏ (1954) – “17 قصيدة”

Hemligheter på vägen‏ (1958) – “اسرار على الدرب”

Den halvfärdiga himlen‏ (1962) – ” فردوس النصف متكامل”

Klanger och spår‏ (1966) – “أنغام وعلامات”

Mörkerseende‏ (1970) – “مشهد ليلي”

Stigar‏ (1973) – “سبل”

Östersjöar‏ (1974) – “البالطيون”

Sanningsbarriären‏ (1978) – “حاسم الحقيقة”

Det vilda torget‏ (1983) – “الساحة الجامحة”

För levande och döda‏ (1989) – “من أجل الحياة والموت”

Sorgegondolen‏ (1996) – “زوارق الحزن”

Den stora gåtan‏ (2004) – “اللغز الكبير”

The Great Enigma: New Collected Poems‏ (2006) – ترجمات روبين فولطون

 

فرج. ب  خاصّ – إلّا –

You may also like